محمد صالح السبتى

البابا تواضروس وثورة قناة الجزيرة

السبت، 29 مارس 2014 08:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى هجوم عنيف وتقارير نارية شنتها "قناة الجزيرة مباشر مصر" بمناسبة لقاء قناة الوطن الكويتية مع البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومواقفه من الأحداث سواء فى مصر أو عموم الوطن العربى.. ولم أستغرب هذا الهجوم أبداً من قناة الجزيرة على البابا تواضروس الثانى، لكنى استغربت هذا الاستخفاف منها بتلك الشخصيات الدينية الكبيرة والرموز والتى هى بحجم البابا تواضروس الثانى!!.

المسألة باختصار.. هناك صراع فكرى يدور اليوم على ساحة الوطن العربى أجمع، هذا الصراع قائم بين العقل والجنون، بين الحكمة والتهور، بين من يريد استقرار البلاد ومن يرعى نار الفتنة، بين من يسعى للإصلاح بالطرق المنطقية ويراعى مصالح البلاد والعباد، ومن يرى فى هدم المعبد طريقاً لإصلاح عيب فى إحدى غرفه!.. هذه هى ملامح تلك المعركة الفكرية التى تدور رحاها اليوم فى الوطن العربى.

استكثرت قناة الجزيرة على البابا تواضروس الثانى أن يدعو للسلام، أن يكون أداة يحافظ من خلال مكانته على أمن واستقرار وطنه بحكم منصبه الدينى بينما كانت هى- قناة الجزيرة- وعلى مدى سنوات طويلة جداً تقيم محفلاً لـ"د.القرضاوى" ببرنامج أسبوعى ظل يذاع لسنوات يتغير فيه كل شىء، المذيع والديكورات والمخرج الوقت، لكن يظل الضيف "القرضاوى" ثابتاً لا يتغير.. وللأسف مارس د.القرضاوى عمليات التشويه للفكر الإسلامى الصحيح وبث سموم الطرح الثورى والمنهج الطفولى فى التعبير ورسخ فى عقول وأذهان شبابنا تلك الغوغائية السمجة التى كان يغلفها- زوراً- باسم الدين والقوة والشجاعة وهى إلى الفوضى والانحراف الفكرى أقرب.. يرى القرضاوى والجزيرة أن كل من نطق بكلمة التعقل والحكمة فهو من علماء السلطة أو كما قالت الجزيرة فى تقريرها عن البابا تواضروس الثانى "عاد إلى حضن النظام".

الصورة الذهنية التى يريد هؤلاء الفوضوية أن يرسموها فى عقول شبابنا هى أن عليك أن تعارض.. أن تكون ثائراً.. أن تمارس التنظير فى معانى الشجاعة والحماسة ومفاهيم العدالة والحريات، وأن تستخدم كل أدواتك "الفوضوية" فى تحقيق هذا، حتى لو خربت البلاد وانهارت المجتمعات، هذا لا يهم المهم أن تشبع جنون الغوغائيين فقط!! ولهذا.. لهذا فقط يعارض هؤلاء كل حديث للعقل والحكمة ويرعون عكسه أفضل رعاية!!

فى صحيح مسلم عن ابن مسعود "بينما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلى عند البيت وأبو جهل وأصحابه جلوس وقد نحرت جزور (إبل) بالأمس فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور (سلا الجزور هى أحشاء بطنها) فيضعه فى كتفى محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد الرسول وضعه بين كتفيه.. فاستضحكوا وأنا قائم أنظر ولو كانت لى منعة طرحته عن ظهر الرسول حتى جاءت فاطمة فطرحته فلما قضى الرسول صلاته رفع صوته يدعو عليهم".

ماذا يقول هؤلاء الغوغائية فى هذا الموقف.. هل يتهمون الرسول بالضعف أو يتهمون أصحابه بالخور والخيانة؟.. لماذا لم يتهجم صناديد الصحابة على من أذى الرسول وقد كان من ضمنهم أبو بكر وعمر وحمزة وغيرهم من الشجعان!! وإن كان القياس مع الفارق فليست أنظمتنا كنظام أبى جهل قطعاً، حتى لا يتمسك قليلو الفهم بهذا المثال ويقولون بجهلهم ما لا يفهم، لكن لو كان هؤلاء الغوغاء هم من يعلق على هذا الحدث فى مثل تلك القنوات فالمؤكد أنهم سوف يصفون الرسول والصحابة بالجبن والارتماء بحضن الخوف والرغبة فى التملق للكبار!!

على مر العصور والأزمنة كان هناك رجال يرعون "السلام".. السلام بمفهومه العام الشامل.. يسعون إليه ويجاهدون من أجل نشره.. وكان هناك أناس همهم نشر الفوضى وإذاعة الفتنة.. والتاريخ يثبت أن نشر الفوضى أسهل بكثير من الحرص على استقرار الأمن والسلام بين العباد.. وهنا تدور رحى تلك المعركة الفكرية بين الطرفين. الهجوم على تصريحات قداسة البابا تواضروس الثانى يأتى ضمن هذا المنهج الأعور الذى يريد لنا الخراب باسم القوة والشجاعة والرغبة فى الإصلاح.. والحقيقة خلاف ذلك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة