تبلغ الوقاحة مداها الأقصى حينما يقول تافه من تافهى المرحلة الانتقالية: لماذا تقلبون الدنيا ولا تقعدونها حينما تموت صحفية، بينما الناس تموت كل يوم، ولا تغضبون بنفس الدرجة؟ ولا يعطينا التافهون فرصة للبكاء على روح زميلة مجتهدة.. الزميلة «ميادة أشرف» التى قتلت فى مظاهرات أمس الأول أثناء الاشتباكات بين قوات الأمن وجماعة الإخوان المسلمين، وقد كنا قديما فى غنى عن الرد على مثل هذه الأقاويل التافهة، لأن غالبية المتابعين تعرف خطورة موت «صحفى» فى ميدان عمله، لأن هذا الموت لا يعنى أن شخصا فقد حياته فحسب، وإنما يعنى أن هناك اعتداء فجا، وقع على كل أبناء الشعب المصرى الذى ينتظر المعلومة ممن أوكل إليه المجتمع مهمة الإخبار بالمعلومات، كما يعنى أن من قتل هذا الصحفى، يريد أن يرهب جموع الصحفيين ويفزعهم عن الاستمرار فى تأدية مهام عملهم، وهو ما يجعل الحاضر غيبا، والمستقبل تخبطا، والتاريخ عرضة للتزييف.
الأمر اختلف الآن، فقد بات الإعلام والإعلاميون هدفا دائما لسهام الفاشلين فى السياسة، العاجزين فى الاقتصاد، الراسبين فى كشوف الجماهيرية، وللأسف يساعد هؤلاء الفاشلين فى ادعاءاتهم، أداء بعض مرتزقة الإعلام الذين يسخرون منابرهم لمصالحهم الشخصية، متبنين خطابا عدوانيا أحمق، كما يساعدهم بعض المنتسبين للإعلام الذين يتبنون المزايدة منهجا، وأصبح التميز عندهم قرين الشذوذ.
هنا لابد لنا من وقفة حقيقية، فقد أصبح دم الصحفى أرخص من لافتات الدعاية السياسة، بينما نقابتنا المبجلة لا تكلف نفسها عناء الدفاع عن المهنة ورجالها، وطبيعى فى ظل نقابة ترعى الهجوم على الصحافة والصحفيين وتباركه، أن يضطرب شعور الناس تجاه الصحفيين، فلا يكترثون بموت أحدنا لأنهم يتأثرون بما يسمعونه من هجوم على وسائل الإعلام.. فى وسائل الإعلام، والمطلوب أن تقف الجماعة الصحفية بأكملها وقفة متأملة أمام هذا الهجوم لتصد المزيف منه، وتعالج الحقيقى فيه، فجميع الأطراف تهاجم الصحافة، وجميع الأطراف تستهدف الصحفيين، فالإخوان يصفوننا بأننا «سحرة فرعون»، والداخلية تتهمنا يوميا بترويج الشائعات، وبعض المتطفلين على المهنة يساعدون هؤلاء وهؤلاء فى ادعاءاتهم المغرضة، بأدائهم الوقح، وفى وسط التراشق بالاتهامات والاستظلال بالادعاءات، تتغيب الحقيقة بعد أن تلونت بألوان الزيف السياسية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد علي يونس
السعودية