تذكرت الفيلم الجميل «الحب الضائع/ للمخرج هنرى بركات/ عُرض للمرة الأولى فى 20 أكتوبر 1970» وهو مأخوذ عن قصة لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين.. أقول تذكرت هذا الفيلم حين قال رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب: إن هذا البلد ضاع منه الحب؟
فى الفيلم نعرف لماذا ضاع الحب بين الزوج وزوجته، وبين الزوج والعشيقة، وبين الصديقة والعشيقة؟ كل الأسباب واضحة ومحددة فى الفيلم، لكن فى الحياة لم يقل لنا رئيس الوزراء لماذا ضاع الحب فى مصر؟ لقد اكتفى الرجل بهذه العبارة الموجعة بعد أن قابل المرشحين لتولى المناصب الوزارية، ويبدو أن كل واحد من هؤلاء كان يلعن منافسيه ويكيد لهم كيدًا، وإلا ما تفوّه رئيس الوزراء بهذا التصريح المؤلم.
السؤال.. ألم يفكر رئيس الوزراء فى الأسباب التى أدت إلى ضياع الحب؟ ألم يكلف وزير الثقافة- على سبيل المثال- بتشكيل لجنة من أساتذة علم النفس والاجتماع لبحث ظاهرة الحب الضائع؟ ألم يخش السيد محلب من غول الفشل إذا قاد بلدًا محرومًا من الحب؟ ألم يتساءل: ما هى الوسائل السريعة التى يجب العمل على إيجادها لاسترداد الحب الضائع؟
أغلب الظن أنه لم يفكر فى أى شىء من هذا، ومع ذلك هناك بديهية تقول: يضيع الحب حين ينمو الكُره، ولا ينمو الكُره إلا عندما يزدهر الظلم، ولا يزدهر الظلم إلا بعد قتل العدل! إنها معادلة بسيطة.. أليس كذلك؟ لقد تفنن مبارك وزبانيته فى كيفية قتل العدل والتنكيل بجثمانه، وترك الملايين يواجهون كابوس الظلم اليومى بمفردهم طوال ثلاثة عقود، حتى ضج الناس وهاجوا، وانتفض الشباب وثاروا، ولحقت بهم الملايين وتمنوا، ولم تتحقق أمنية واحدة! فلما جاء مرسى وإخوانه ليشيع فى الأرض فسادًا، ويروى الشجرة السوداء للظلم، هبّ المصريون وأزاحوهم، واقتلعوا الشجرة السوداء، عسى أن يتحقق العدل، ولم يحدث!
فليفتش رئيس الوزراء عن الأسباب التى أدت إلى قتل العدل وازدهار الظلم، وليتذكر دومًا أن المصريين أشعلوا قناديل ثورتين بحثا عن لؤلؤة العدل ولم يجدوها حتى هذه اللحظة، وليعلم أن استعادة الحب الضائع يكمن فى تحقيق العدل الاجتماعى.