على مر تاريخنا المعاصر لا أعتقد أننا مدحنا فى رئيس وزراء أو شكرنا فى حكومة من الحكومات. حتى أجدادنا القدماء ملأوا البرديات سبا وشتما وذما فى الوزراء والمسؤولين. نعم لا يوجد شعب متيم بحكومته ولا توجد حكومة تهيم بشعبها، ولكن الوضع فى مصر أشبه بالمصارعة الحرة، فالضرب يبدأ مع الصفارة أو حلف اليمين فنتهم الحكومة بالتسيب والعجز والتقصير وبعد أشهر ينقلب الاتهام إلى سباب إما بالفساد أو بالغباء. بالمثل تبدأ كل حكومة أعمالها بالوعود والعهود، وتطالب الشعب «كالتلامذة» بالصبر والاحتمال وتفهم الأوضاع وبعد عدة أشهر يبدأ المسؤولون فى إلقاء عجزهم وفشلهم على الناس فنحن شعب متهم دائما بالكسل واللامبالاة والاستغلالية والفساد. فإذا قل الوقود قالوا هربناه، وإذا شح القمح قالوا سرقناه، وإذا قلت أنابيب البوتاجاز قالوا يخفيها التجار، وإذا قلت المنتجات قالوا استغلال رجال الأعمال. التهم جاهزة ومقنعة بين الطرفين يتبادلونها مثل البنج بونج، ليظل البلد مشلولا بهذا البنج لعقود وأعوام. أتصور أن تبادل الاتهام الدائم هو نوع من أنواع الهروب من المسؤولية، فكل طرف يريد أن يبرئ نفسه على حساب جهل أو فساد الطرف الآخر والنتيجة واضحة نعانى منها كل يوم فما أسهل أن نغير الحكومة ولكن ما أصعب أن نغير أوضاع البلاد. يجب أن نتوقف قليلا عن صراع الكباش ونفكر مثل الناس. مطلوب عقد اجتماعى جديد يوقع عليه الشرفاء والمجتهدون والراغبون فى التغيير من الجانبين. فعلى الحكومة والوزراء أن يطهروا هيئات الدولة ومؤسساتها العامة من الفساد والرشوة والمحسوبية وأن يعينوا الأصلح والأقدر على العطاء فى مختلف المواقع وأن يتابعوا عمله ويحاسبوه عليه وأن يتوقف التبذير فى المكاتب والمواكب والاحتفالات والموائد وفى عدد المستشارين ورواتب المقربين. عليهم أن يشجعوا الإبداع والتطوير بدلا من اللجوء الدائم للطرق العقيمة. وأن يدرسوا احتياجات الناس جيدا والإمكانيات المتاحة قبل أن يعدوا ويصرحوا ويعملوا البحر طحينة أو بابا غنوج. أما نحن فمطلوب منا أن نعمل أكثر فنصف من يعمل فى مصر لا يعمل والنصف الآخر يبحث عن فرصة عمل. يجب أن نشعر بمسؤوليتنا فى التصدى للاستغلال والغلاء والتربح والرشاوى وأن نقاوم الفساد بالسلوك والأفعال وليس بالكلام. علينا أن نتعلم ثقافة الرفض والمقاطعة والتبليغ والمحاسبة. علينا أن نعتمد على قوتنا كمجتمع أكثر مما نعتمد على قوة الحكومة كسلطة. فمجتمع من «المعيز» لن يحكمه إلا حكومة من الذئاب الجائعين.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
الحقيقة المُرة
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد
و الله معاك في أشياء و اختلف في أشياء
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد
و الله معاك في أشياء و اختلف في أشياء
هذا رأى مواطن يعمل في الحكومة
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد
و الله معاك في أشياء و اختلف في أشياء