فى زمن الإخوان ظهرت الراقصة «سما المصرى» واختارت من الألفاظ أوحشها وأقلها أدبا وحياءً، وظهرت فى كليبات رخيصة الصنع والمضمون، تسخر من مرسى والإخوان، وقتها تقدم كثيرون من أهل العفة والأخلاق ورافعى شعار عادات وتقاليد المجتمع المصرى وقالوا: الجزاء من جنس العمل، وقال البعض الآخر: الطيور على أشكالها تقع، ولكل نظام المعارضة التى تشبهه.
فى مرحلة وسط انتقلت الراقصة التى أصبحت حديث الفضائيات والجرائد إلى الهجوم بنفس الشكل المبتذل والرخيص على الدكتور البرادعى وعدد آخر من رموز الثورة المصرية بل وعلى الثورة نفسها، ثم تبجحت وأسست لقناة اسمها فلول تبث من خلالها دعارة إعلامية تحت مسمى كوميدى ومظلة الغناء، لدعم 30 يونيو والجيش والشرطة، ولما رفعنا أصواتنا وقلنا كفاية ابتذال، وكيف توافق الدولة على وجود هذه الفضائية التى لا تختلف كثيرا عن التت والدلع وغيرها من فضائيات عرض اللحم الرخيص فى الوضع رقصا؟ صرخ «مطبلاتية» النظام مش هى دى الحرية؟ ثم صدمت الراقصة الجميع حينما خرجت شبه عارية وهى تتغزل فى العقيد أحمد على المتحدث باسم القوات المسلحة بأغنية اسمها يا جدع يا متحدث يا حليوة.. ليكتشف معسكر الدفاع عن سما المصرى أن صمت الدولة على النفاق أو سوء اختيار الدولة لمن يعبر عنها قادر على أن يسحب الدولة ورجالها إلى ما بعد الأرض السابعة، والنظر إلى ما فعله إعلام الإخوان بمحمد مرسى كافيا لأن يشرح لك الفكرة.
وعلى طريقة إخوان مرسى هدد بعض المحسوبين على المجال العام المصرى بأنهم سيخلعون هدومهم ملط إن لم يترشح السيسى وسيقتلون كل الأمريكان فى العالم إن أغضبوا المشير، وهى التصريحات التى تشبه كلام أم أيمن وخميس وباقى مجاذيب مرسى.
فتح المجال أمام توفيق عكاشة أنتج فى النهاية تقريرا صنعه عكاشة وفريقه اسمه الرجلان توهم فيه أنه شريك فى صناعة الثورة وتجرأ وشبه نفسه بالرجل الأول فى الجيش المصرى قائلاً هما الرجلان اللذان أنقذا مصر من الإخوان مثلما أنقذ هارون وموسى بنو إسرائيل من التيه وغضب فرعون.
وسواء كانت رقصات هؤلاء تبرعا منهم رغبة فى رضا السلطة أو أداءً لمهامهم كمخبرين، تبقى المسؤولية فى رقبة الدولة، إما بسبب سوء اختيارها أو صمتها عن ردع هذه التفاهات.. ولكن طريف الأمر هنا أن لمسألة سوء الاختيار جذورا تاريخية يكشفها الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين فى كتابه «محاوراتى مع السادات» حينما روى عن لقاء له مع اللواء ممدوح سالم، وزير الداخلية ورئيس الوزراء وقتها، ودار حديثا حول وجود تقارير بوقائع ومعلومات عن زملاء صحفيين يعملون مع الكاتب الكبير ويعرفهم جيدا، وفوجئ الرجل بحجم وكذب ما هو منسوب إليهم، فتحدث إلى السيد سالم وطلب منه ضرورة انتقاء المخبرين، فلا يكونوا مشوهين نفسيا إلى هذا الحد، ويكون لديهم الحدود الدنيا من الخلق القويم، وقدر لا بأس به من العلم والمعرفة، وقتها ضحك اللواء ممدوح سالم، متسائلا: هل تعتقد أن خريج جامعة أكسفورد سوف يأتى إلينا للعمل معنا ولماذا..؟ وكأنه يعترف لبهاء الدين بأن كل من يقدمون أنفسهم لنفاق السلطة يعانون من الجهل والضحالة والدناءة.
هل أدركت الآن أن لتلك الفروع الفاسدة التى تتراقص أمامك رقصة القردة الجوعى جذورا أكثر فسادا تستمد منها رخصها وجهلها ومرضها ؟.. اللهم عافى مصر من أمثال هؤلاء.