كانت إحدى نتائج 25 يناير هى خروج الأقباط من الكنيسة للوطن، وبعد أقل من شهر، من 11 فبراير ورحيل مبارك، جاءت حادثة صول، صدمة للأقباط، حيث هاجم متشددو كنيسة الشهيدين، وقاموا بهدمها فى مشهد لم يعهده الأقباط من قبل، فاستشعروا بأن الوطن الذى يحلمون به وناضلوا من أجله، حتى ومن قبل الثورة، معرض للذهاب أدراج الرياح، فنزلوا إلى ساحة ماسبيرو للاحتجاج بالطريقة التى سادت وقتها كوسيلة للتعبير والتغيير وهى الاعتصام، وجد الشباب أن الساحة ممتلئة بالأقباط وبشكل عفوى دون تحضير أو استعداد، وهو ما جعل من إنشاء كيان ليعبر عنهم ضرورة، فكان اتحاد شباب ماسبيرو.
سبق ذلك حراك غير مسبوق فى الأكليروس، الأب متياس نصر، وأفكاره الثورية المنبثقة عن لاهوت التحرير، تجمع حول عباءة متياس كل التواقين للعدل والحرية، ومن الصدمة الأولى إلى الثانية: «مذبحة ماسبيرو»، بعد اعتداء متشددين على كنيسة مار جرجس بالماريناب بمحافظة أسوان وحرقها، وتصريحات محافظ أسوان المستفزة وقتها حول أنه لا يوجد كنيسة، فكان رد الفعل المقابل من اتحاد شباب ماسبير التظاهر، وخرجت المسيرة التى ضمت حوالى 50 ألفا، وتحركت من دوران شبرا ووجهتها ساحة ماسبيرو، وبعد عدة مناوشات، بين الشباب القبطى وبعض أفراد حراسة ماسبيرو سقط 24 قتيلا وما يقرب من ثلثمائة جريح !
اليوم تمر ثلاث سنوات على تأسيس الاتحاد وتعميده بالدم، سقط مبارك، وخلع مرسى، وانطلقت ثورة 30 يونيو وما تلاها من العقاب الجماعى للأقباط، وحرق عشرات الكنائس والاعتداء على الأقباط بشرا وممتلكات وإعلان الإخوان الحرب على الدولة، والاتحاد الوليد لا يملك إلا آليات الاحتجاج، ورويدا رويدا ينسلخ عنه نفر منه ويؤسسون جماعات صغيرة لا تدرك سوى آليات الاحتجاج أو محاولات طيبة للرصد، رغم أن الدولة المصرية اقتربت من الاتحاد، وصار من المألوف دعوة قياداته فى القصر الرئاسى أو مؤسسات الدولة، واحترام الكنيسة للاتحاد، ووجود قيادات شبابية واعدة تمتلك رؤية وطنية ومسيحية، كل ذلك يؤهل الاتحاد باستغلال الاحتفال بالذكرى الثالثة بالبحث عن تحديد الرؤية والهوية، والمأسسة، وتجديد آليات وأساليب العمل، فهل يلتقط هؤلاء الشباب الخيط؟ أم يتحولون بفضل عوامل التعرية السياسية من قبل جماعات المصالح القبطية إلى جماعة رفض تنقرض بعد زوال الضرورة؟ أعتقد أن الاحتفال الحقيقى بالاتحاد بمرور ثلاث سنوات تمر عبر الإجابة على تلك التحديات.