المصريون، وطوال 3 سنوات كاملة، تعاملوا مع جميع الاستحقاقات الانتخابية بعقلية الهواة، وتغليب العاطفة، بداية من الاستفتاء على الإعلان الدستورى فى 19 مارس 2011، إبان حكم المجلس العسكرى السابق، وظهر حينها مصطلح من يقول نعم يدخل الجنة، ومن يقول لا يدخل النار، ومرورا بالانتخابات البرلمانية «شعب وشورى»، ونهاية بالانتخابات الرئاسية، وظهر مصطلح عاصرى الليمون، باختيار رئيس هاوٍ، أغرق البلاد فى وحل المشاكل والانقسام، وبركة من الدماء.
لذلك فإن الاستحقاق الانتخابى القادم والمتعلق باختيار رئيس للجمهورية، ثم انتخابات مجلس النواب، يعتبران، عنق الزجاجة، إما أن تنهض مصر صاحبة التاريخ العريق من الوحل الذى ألقاها فيه جماعة الإخوان الإرهابية، وأطفال ثورة سوكا، أو تغرق ولن تقوم لها قائمة من جديد، ومن ثم فإن أمام المصريين فرصة أخيرة للاختيار بحسابات العقل، وقواعد ونظريات المنطق، بعيدًا عن المشاعر الشخصية أو الدينية، أو خداع الشعارات الثورية البراقة.
المصريون لا يملكون رفاهية التجريب، واختيار الهواة، البعيدين عن مواقع المسؤولية، فى ظل ظروف هى الأصعب التى تمر بها مصر عبر تاريخها الطويل، وتحتاج لرجال محترفين، ومتمرسين فى علوم الإدارة، ولديهم القدرة عل اتخاذ القرارات الحاسمة فى الوقت المناسب، ويحظى بثقل دولى، لإعادة مصر إلى ريادتها كدولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط، وإعادة اللُحمة بين فصائل الشعب، تحت لواء مصر لكل المصريين، وليس لفصيل أو عشيرة بعينها.
مصر فى حاجة إلى رجال يرفعون شعار أفعال لا أقوال، ويعيدون لها هيبتها، وقدرتها على مواجهة التحديات، يَصدقون الوعد، ويوفون بالعهد، وينذرون أنفسهم لخدمة شعبهم، دون الانتظار لجمع المغانم، رجال لا يصيبهم بريق السلطة بالعمى.
مصر تحتاج لرئيس مُبصر، يتمتع بنظر ثاقب، يرى عن بُعد أميال، ما لا يراه سواه، وبصيرة مستنيرة، وقريحة فى اتخاذ القرارات، وموهبة تستطيع التفكير خارج الصندوق عند مواجهة الأزمات الخطيرة، وقدرة على عملية الفرز فى اختيار معاونيه.