تذكرون فتنة أطفيح - لا أعادها الله - كان وراءها أنثى أو فتاة، وكذلك فتنة بنى سويف والمنيا والفيوم، وتذكرون شعار «أختى ماريان» وأختى كاميليا، وأختى وفاء قسطنطين، والتى خرج يوما شيخ الفتنة المتنكر زغلول الفشار، ليقول إنها قتلت بالكنيسة وقامت الدنيا واشتعلت الفتنة وسقط من سقط وعاش المصريون على صفيح ساخن أياما وليالى، ونفس الشىء حدث فى أكثر من منطقة فى الصعيد، بسبب أن شابا مسلما عشق فتاة مسيحية أو العكس وهربا معا، وقامت الدنيا وأول شىء يحدث فى مثل هذه الحالات - وحاول دراستها - هو أن يصرخ أحد السلفيين أو الإخوان بأن الإسلام فى خطر، وأن المسيحيين أو كما يقولون «الصليبيين» يتربصون بنا ويريدون هدم الإسلام، وهيا إلى الجهاد ضد «الكفرة» وهات ياحرق فى الكنيسة أو البيوت، وطردهم من البلدة، هذا بينما يكون أساس المشكلة وهو هنا الشاب والفتاة قد غادرا المنطقة برمتها، وربما يكونان يعيشان حقا مستمتعين فى مكان قصى ويسخران مما فعله ويفعله ذووهم وأقاربهم.. وأنا أحكى هذا بمناسبة ما حدث فى أسوان، لأن الشرارة الأولى انطلقت وأصابت الجميع بـ«هيستيريا الحريق والدم» بسبب فتاة.. فتاة عاكسها أو تحرش بها شاب أنا لا أحاكم هنا أحدا، ولكنى أحاول أن أفهم لماذا كل مرة يحدث فيها سقوط ضحايا وحرائق فى الصعيد، تكون الأنثى خلف الكارثة.. هل الجهل، هل البطالة، هل انعدام الوعى الدينى تماما وقدرة الخطاب التوعوى واحتلال خطاب التحريم والتطرف والعنف مكان خطاب التسامح والوسطية والحوار والسلام، هل لأن الثقافة غائبة والفن بكل تجلياته غير موجود؟ ألم يقل يوسف وهبى إعطنى مسرحا حقيقيا أمنع ألف جريمة، وأغلق ألف سجن، أم أن كل هذه الأنهار روافد تؤدى لبحر واحد هو بحر اللا توازن واللا اتزان واللا أفق واللا معايير؟ فقدان المعايير فى منظومة القيم يجعل المجتمع فى حالة استلاب واستقطاب، سرعان ما تؤدى لانهياره رغم قشرة التدين والتماسك الشكلى الظاهرة، والدليل أننا فى الخمسينيات والستينيات لم يكن لدينا حجم التدين والحجاب والنقاب الموجود الآن، ولم نشهد نفس وكم ونوع وكثافة التحرش بالأنثى والتضييق عليها وحصارها فى قيم ماضوية فى إطار ثقافة النمط والمحافظة، رغم ما يشهده العالم منذ اتفاقية سيداو «التمييز ضد المرأة» من قفزات رهيبة، تلغى الحكم على الإنسان من باب الذكر والأنثى.. المهم أننى لازلت حائرا هل ما حدث فى أسوان بسبب «فتاة» أم بسبب تخلف شاب ذكر، وهل لا يحمل من صفات الرجولة شيئا، وإذا كان هنا حادث فردى، فلماذا تحول لمجزرة جماعية ولماذا انتشر الدم فى مستنقع رهيب، تحت دعاوى الحفاظ على الشرف أم أن الأسباب لا تتعلق باللحظة، ولكنها كامنة ومتراكمة ومخزونة تحت الأكمة والركام، والحادث لم يكن إلا قشة عابرة قصمت ظهر البعير الكارثة أن البعير هنا مصر كلها، مصر التى لا تحتمل الآن مثل هذه الحوادث أبدا - فنرجو من كل طرف أن يلم الموضوع حتى لا يضيع هذا الوطن على نار الفتنة، ونرجو من كل فتاة ألا تعطى لشاب أرعن الفرصة أن يتحرش بها حتى لا تنفجر شرارة بسببها لا تبقى ولا تذر، وفى كل الأحوال سنصرخ قائلين شيرش لافام.. فتش عن المرأة فى التاريخ من حرب طروادة وداحس والغبراء والعالمية الأولى حتى أسوان.. حمى الله مصر من أهلها..!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة