فى كتب الآثار الإسلامية المتخصصة، تجد دومًا إشارة إلى أهم الأماكن التى يتم استخراج التحف الإسلامية الأثرية منها، أشهر هذه الأماكن وأغناها هى منطقة آثار الفسطاط، وللأسف عبر عقود من الإهمال والغفلة أصبحت منطقة «حفائر الفسطاط» مقلبًا للقمامة ووكرًا للموبقات.. وسنة بعد سنة تراكمت القمامة وأصبحت تلالًا، وطغت الروائح الكريهة، واكتست منطقة حفائر الفسطاط بجثث الحيوانات النافقة، وبدلًا من أن تصبح هذه المنطقة بستانًا للباحثين والمستكشفين، أصبحت أشد مناطق محافظة القاهرة بؤسًا وإهمالًا وعشوائية.
ولأن فضيحتنا أمام الباحثين الأجانب كانت مجلجلة، لأن هذه المنطقة أصبحت سُبة فى جبين وزارة الآثار، ومحافظة القاهرة على حد سواء، سعت هاتان الجهتان الحكوميتان إلى «دفن الجثة»، وبدلًا من السعى إلى تطويرها، واستكمال الحفائر فيها، واستثمارها فيما يعود بالفائدة على تاريخنا وآثارنا، اتفقت وزارة الآثار مع محافظة القاهرة «سرًا» على تحويل هذه المنطقة إلى حديقة، وهو ما يعد تصحيحًا لخطأ هاتين المؤسستين الحكوميتين بـ«جريمة»!
تحاول الوزارة إخفاء هذا الأمر برغم افتضاحه أكثر من مرة، لأنها تعرف أنها ترتكب جريمة لا تغتفر، لكن منذ يوم أمس والجرافات تعمل فى هذه المنطقة، وتكسو ما تتم إزاحته بالرمال، تمهيدًا لتحويل المنطقة إلى حديقة.. وبالطبع قد يظن البعض أن فكرة تحويل المنطقة إلى حديقة أفضل من تركها مقلبًا للقمامة، لكن الجريمة تكمن هنا فى أن تشجير تلك المنطقة وزراعتها يقضى على أى أمل لاستكمال حفائر المنطقة التى يؤكد علماء الآثار أنها مازالت عامرة بالآثار المدفونة، ومازالت «بكرًا»، برغم عمل الكثير من البعثات الأثرية فيها.
المشكلة الحقيقية تكمن فى أن تشجير هذه المنطقة وزراعتها يتطلب ضخ كميات كبيرة من المياه فيها، ومعروف أن تلك المنطقة كانت من أهم مراكز صناعة الفخار والخزف فى العصر الإسلامى، كما يحتمل أن يوجد بها بعض الأبنية المدفونة بالرمال، والمصنوعة من الطوب اللبن، أى أن غمرها بالمياه سيؤدى إلى تلف القطع الأثرية، وتدمير الأبنية المحتمل وجودها، وتلك جريمة أخرى تضاف إلى جرائم الوزير محمد إبراهيم الذى يبدو أنه تخصص فى تدمير آثار مصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة