من مقتل مارى على الهوية الدينية فى عين شمس، وصراع الهلايلة والنوبيين فى أسوان، لا داعى لدفن رؤوسنا فى الرمال جسد الوطن قد أنهك، من أخفى علته قتلته، ومنذ 1994 حذرنا فى مؤتمر الملل والنحل والأعراق من هذا المرض وفى مطلع الألفية الثالثة كتب الباحث البارز نبيل عبد الفتاح بحث "سياسات الأديان" أكد فيه على أن العمر الافتراضى لعوامل الاندماج القومى قد انتهى، ولم يلتفت أحد وحدثت بعد تلك التحذيرات العديد من المذابح لا قليات دينية وعرقية: على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث المواطنيين المصريين الأقباط (فقط عشرة مذابح فى عصر مبارك) سبق أن كتبتها فى مقالات فى اليوم السابع.
وأيضا ما حدث للبهائيين فى إحدى قرى سوهاج، وفوجئنا بعد ثورة 25 يناير نتيجة الخلل الهيكلى فى بنية الدولة بماسبيرو وأطفيح ومنشية ناصر وإمبابة، والله ستر، وإبان حكم مرسى والتحريض المعلن والعنصرى على الأقباط والشيعة والنوبيين، وحدث مقتل الشيخ الشيعى شحاتة ومريدية والتمثيل بجثثهم ببشاعة، وأسرعت الأقليات قبل غيرهم بالخروج فى 30 يونيو، وأعطت التفويض الشهير فى 26 يوليو، لكن الجماعات الإرهابية الإخوانية استهدفت تلك الأقليات بالأساس أكثر من غيرها، وأعلنت الحرب على الدولة المصرية، واستهدفت القوات المسلحة والشرطة والسياحة وشمل الاستهداف الأقباط، وحرق كنائس وممتلكات وقتل أنفس والتمثيل بجثث، مثلما حدث فى دلجا مع إسكندر طوس، وبعدها بدأت طوابيرهم الخامسة تعبث فى الجسد المصرى المنهك.
وشاهدنا ما حدث بين قريتى الحوارتة ونزلة عبيد بالمنيا (استخدم الأقباط السلاح لأول مرة للدفاع عن النفس)، وكتبت هنا أيضا وحذرت ولم يلتفت أحد والآن اضطر المواطنون المصريون النوبيون إلى حمل السلاح دفاعاً عن النفس، ألا تدركون معنى أن يحمل النوبيون ومن قبلهم الأقباط السلاح دفاعاً عن النفس؟
باختصار يعنى هذا أن التنكيس الذى كان يجب أن يحدث، ولم يحدث، بعد تحذير نبيل عبد الفتاح أدى بعد زلزال 25 يناير إلى سقوط جزء من الأساس للوطن، هل ربط أحد بين تأييد الأقباط والنوبيين لـ30 يونيو وبعدها لترشيح السيسى وبين ذلك العقاب الجماعى؟ هل ربط أحد بين لقاء الوفد النوبى والسيسى وبين حملة التأديب، بالله عليكم لا تقولوا لى تفاصيل خائبة، الوطن فى أشد الخطر، وعلى السادة المرشحين (السيسى وحمدين) بالأساس أن يصدرا بيانا مشتركا حول اتفاقهما ضد ما يحدث، وعلى الوزارة الحالية أن تطهر وزارة الداخلية قبل فوات الأوان، لأننا اكتشفنا أن أغلب شهدائنا الأبرار من الداخلية قبل غيرها من عملاء الإخوان من الشرطة، وأن يضع موظفو الحملات من راغبى الاستوزار مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية.