الإمام الجنيد، رضى الله عنه، هو من أكبر العارفين بالله ومن أكبر أهل العلم النورانى الروحانى والفهم الراقى النبيل للإسلام وتعاليم الإسلام وقد وصفه بعض أهل طريق التصوف بأنه تاج العارفين. ولد العارف بالله الإمام الجنيد فى بغداد فى عام 215 هجرية، توفى والده وهو ابن السابعة من عمره وقام خاله الصوفى الكبير سرى السقطى برعايته والعناية به روحيا وعلميا فنبغ الفتى بفضل الله وأصبح من أنبغ أهل التصوف لصدقه وإيمانه القوى والعميق بالإسلام وبكل ما جاء فى الكتاب والسنة المعطرة ولقيامه بالذكر سرا وعلانية.
كما أن بين الذين صاحبوه فى بدايته كان العارف بالله الحارث المحاسبى الذى يعد علامة فى طريق التصوف.
سئل الجنيد، رضى الله عنه، عن الوصل فقال ترك الهوى. وقال رضى الله عنه فى بعض وصاياه «يا أخى اعمل ثم أعجل قبل أن يعجل الموت بك، ثم بادر قبل أن يبادر إليك..»، وقال أيضا «أوصيك قلة الالتفات إلى الحال الماضية عند ورود الحالة الكائنة». وقال عندما سئل عن خاطر الخير وهل هو واحد أو أكثر فقال رضى الله عنه «قد يقع لخاطر الداعى إلى طاعة على ثلاثة أوجه: خاطر شيطانى باعثه وسوسة الشيطان وخاطر نفسانى باعثه الشهوة وطلب الراحة وخاطر ربانى وباعثه التوفيق. وتشتبه هذه الخواطر فى الدعاء إلى الطاعة ولابد من تمييزها لأعمال الصواب منها لقوله عليه الصلاة والسلام «من فتح له باب من الخير فلينتهزه» ولابد من رد الآخرين، أما الشيطانى فبقوله تعالى «إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون»، أما الخاطر الشهوانى الذى هو خاطر النفس بقوله عليه الصلاة والسلام «حفت النار بالشهوات».
ولكل واحدة من هذه الخواطر علامة يتميز بها عن صاحبه، الخاطر النفسانى باعثه الشهوة والراحة والخاطر الشيطانى مثله، أما الربانى فيوافق الشرع ويبعد عن النفس، رحم الله الجنيد ونفعنا به وبعلمه.