حكايات كثيرة ومتنوعة فى تاريخ الغناء المصرى المعاصر، تقرأها فى كتاب «الغناء المصرى أصوات وقضايا»، الصادر عن «دار الهلال» تأليف الدكتور «نبيل حنفى محمود».
يؤرخ الكتاب لمجموعة من القضايا التى عبر عنها المؤلف من خلال سيرة عشرة من أهم وأجمل الأصوات التى ظهرت فى العصر الذهبى للغناء المصرى، والذى امتد من عشرينيات إلى سبعينيات القرن الماضى.
عن «أم كلثوم» يتناول الكتاب مكانتها فى القصر الملكى، وما حظيت به من تقدير من الملك فاروق، وقيامها بإحياء حفلات عديدة فى القصر الملكى، مثل حفل زفاف الأميرة فوزية شقيقة «الملك» إلى ولى عهد إيران الأمير محمد رضا بهلوى، الذى صار إمبراطور إيران فيما بعد، ونتيجة لهذا منح «فاروق» «أم كلثوم» نيشان الكمال.
لم ينل «محمد عبدالوهاب» مثل أو بعض ما نالته «أم كلثوم» من تكريم ملكى، بالرغم مما قدمه لفاروق من أغنيات، ويقول المؤلف، أنه عندما ملأ اليأس قلب عبدالوهاب من تحقيق أمنيته فى الحصول على لقب ملكى، استعان ببعض أصدقائه من الباشوات لنقل أمنيته إلى مسامع فاروق، فعاد إليه أصدقاؤه برفض القصر، واستوعب عبدالوهاب بذكائه هذا الرفض فانقطع تماماً عن الغناء لفاروق بعد فبراير عام 1946، وهو الشهر الذى قدم فيه خامس وآخر أغنياته لفاروق وهى « أنشودة التاجين».
ويناقش الكتاب القضية التى أثيرت كثيراً، وهى «محمد عبدالوهاب وتغريب الأغنية العربية»، ويستعرض وجهات النظر التى اتهمت عبدالوهاب بالاقتباس من موسيقى الغرب، مما فتح المجال لضياع هوية الغناء المصرى، فيما يرى آخرون أنه غير كثيراً من أساليب الغناء والتلحين والتأليف الموسيقى بتطور كبير، وفى كل الأحوال فإنه بين الوجهتين يبقى محمد عبدالوهاب الذى لا يختلف أحد على عبقريته العظيمة.
يفند الكتاب ما أشيع عن منع «أم كلثوم» من الغناء عند قيام ثورة 23 يوليو 1952 ، ويقول : «إن منع أم كلثوم عن الغناء فى بداية الثورة لم يكن صحيحا بالمرة، وأنه لا يعدو أن يكون شائعة رددها البعض للتأثير على قادة الثورة، ولفت أنظارها إلى غنائيات أم كلثوم فى العهد الملكى.
ينتقل الكتاب إلى رحلة «اسمهان» ويطلق عليها المؤلف لقب «أميرة الغناء العربى»، قائلاً: «إذا كان للغناء العربى ملكة متوجة فى القرن العشرين فإنها أم كلثوم بلا جدال، وإن أمكن أن تكون هناك أميرة لهذا الغناء فى القرن المنصرم الذى شهد أزهى وآخر عصور تألقه، فإنها كانت بلا مراء وبرأى كل نقاد الغناء ومتذوقيه، «آمال الأطرش» التى عرفت بـ«أسمهان».
يستعرض الكتاب باختصار حياة «أسمهان» وكانت كلها دراما كبيرة شملت الزواج والحب والهجر والسياسة وعلاقتها بأجهزة المخابرات، وكان موتها قصة فى حد ذاتها، حيث سرت الشائعات حول تورط آخرين فى قتلها، والذى جاء بعد ارتطام سيارتها التى كان يقودها سائقها بحفرة ثم غرقها، وبعيداً عن دراما حياتها يبقى أثرها الفنى العميق، الذى يقول عنه الدكتور نبيل حنفى محمود: «تركت أسمهان فى الغناء العربى وبالرغم من صغر عمرها آثاراً لاتمحى، ومن تلك الآثار ظهور مجموعة من الأصوات (الأسمهانية) الطابع.