كتبت أمس عن علاقة القوى السياسية مع جماعة الإخوان بعد ثورة 25 يناير، وهى العلاقة التى يتعامل معها البعض الآن بادعاء الحكمة بأثر رجعى، واستكمل.
يعانى البعض الآن من مرض «الحول السياسى»، وأهم أعراضه تصويب قذائف اللهب على ذاكرة المصريين لمحو الكثير مما كان يتم أمامهم، غير أن أرشيف الذكريات يتحدى تلك القذائف التى يفجرها البعض كل ليلة فى برامج «التوك شو»،
ومن حكايات الأرشيف ما كتبته أمس على سبيل المثال لا الحصر، عما ذكره الفريق أحمد شفيق بمباهاة وفخر عن إفراجه عن «خيرت الشاطر» و«حسن مالك»، وبوصفه رئيساً للوزراء استعجل النائب العام لإنهاء الإجراءات الخاصة بذلك، وذكر «شفيق»، أن الاثنين تعرضا لتدبير قضية غسل الأموال من نظام مبارك، وبسببها حصلا على أحكام بالسجن.
علينا أن نتأمل قيمة هذا القرار، وكم الفوائد الكبيرة التى عادت على جماعة الإخوان بسببه، والمثير فى هذه القصة أن «مرضى الحول السياسى» يتجاهلونه عن عمد، ولا يقتربون منه من بعيد أو قريب.
تتسع الصورة فى هذه القضية لتشمل آخرين منهم الدكتور محمد أبوالغار الذى تحدث وقتئذ عن أن جماعة الإخوان «فصيل وطنى»، وطالبهم بتشكيل الحكومة بعد انتخابات مجلس الشعب لحصولهم على الأغلبية، وكان هذا رأى الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، الذى قال فى إحدى حواراته مع «لميس الحديدى»، إنه نصح المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الذى قاد المرحلة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير، بإسناد رئاسة الحكومة إلى الدكتور محمد مرسى باعتباره رئيس حزب الحرية والعدالة الفائز بالأغلبية البرلمانية، لكن «طنطاوى» وحسب رواية هيكل خبط على يده قائلاً: «أنت عاوزنى أسلم البلد للإخوان».
لم يخرج الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد عن هذا السرب، وقال إن جماعة الإخوان «فصيل وطنى»، حتى الكاتب الروائى المبدع الدكتور محمد المخزنجى، لم يخرج عن هذه القاعدة فى حوار له مع الإعلامى محمود سعد على «قناة النهار» بعد انتخابات مجلس الشعب، الذى سأله «سعد» على خلفية أن «الشاطر» كان زميل دراسته فى المنصورة.
تتسع الصورة لتشمل عمرو موسى الذى لم يتهم «الإخوان» بعدم الوطنية، بل أشاد بهم وقت أن كان مرشحاً لرئاسة الجمهورية، وليس سراً أن بعض قيادات الإخوان ناقشت إمكانية تأييده فى انتخابات الرئاسة، كما أنه قابل خيرت الشاطر فى بيت أيمن نور وقت أن كان مرسى رئيساً للجمهورية، وتلك قصة معروفة حدثت وقت شدة استقطاب المصريين ضد حكم مرسى، ووقت أن كان «موسى» ضمن قادة جبهة الإنقاذ، واستكملها بقوله الشهير، إنه مع استكمال «محمد مرسى» لفترة حكمه «أربع سنوات»، وقال إن «حمدين صباحى»
هو الذى يرفض هذا الرأى ويصمم على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. صحيح أن هؤلاء كانت لهم انتقادات للمشروع السياسى لجماعة الإخوان، لكنه النقد الذى لم يكن تحت سقف تخوين الإخوان، وعليه فإن ادعاء البعض الحكمة فى رفض الإخوان بعد ثورة 25 يناير هو قول مغلوط، فهو ادعاء ينطبق عليه المثل الشعبى: «اللى بيته من زجاج ميحدفش الناس بالطوب».