«الهناكرة» وواحدهم «هنكرى» هم فصيلة غير منقرضة من البشر والحيوانات والطيور، تُعرف بكثرة الحركة والاستعراض الأجوف وادعاء القوة أو العلم أو المهارة على غير أساس، وتجد أنواع هذه الفصيلة إذا أردت على مواقع التواصل الاجتماعى وفى برامج التوك شو، وعلى مقاهى وسط البلد وفى حدائق الحيوان وفى شوارع العشوائيات أو المبانى المتهدمة والخرابات.
تنشغل أنواع وفئات فصيلة «الهناكرة» بإثارة الضجيج طوال الوقت، ليس مهماً ماذا يقولون أو ما يهدفون إليه أو ما يقصدونه، لأنهم لا يقولون شيئاً ولا يهدفون إلاّ إلى رسم سهم ضخم باللون الفسفورى على أنفسهم، ولا يقصدون سوى الصراخ لكل واحد من البشر بأنهم موجودن ومتحققون وفاعلون وكويسون والله العظيم تلاتة.
الشعار الجامع والتعبير الذى يلخص موقف ونفسية «الهنكرى» من الحياة وتجاه البشر والحجر هو «أنا ثلاثين عتريس» أنا فتك أنا جامد، بحسب التعبيرات المأثورة للراحل يوسف وهبى، وفى مرحلته الثانية الأهم من عمله الفنى عندما اتجه إلى الكوميديا.
ويزدهر «الهناكرة» ويتنامى وجودهم فى اللحظات غير المستقرة المرتبكة التى تتشكل فيها الدول والغابات والمجتمعات والخرابات والمدن الجديدة والشلل وحدائق الحيوان، ففى هذه اللحظات أو بدايات الماراثون تجد «الهناكرة» يتصدرون ويزاحمون بالمناكب ويصرخون بأنهم مظلومون ويستعرضون فى السماء «نسبة إلى نوع الحمام المنتمى إلى الفصيلة نفسها والشهير بالاستعراض فى الهواء» وعلى الأرض، ويبتسمون أمام كاميرات الفضائيات وفى برامج الكاميرا الخفية، ثم سرعان ما يتراجعون إلى ذيل الماراثون متساقطين على هوامش التراك، ليحتلوا دور عواجيز الفرح أو الحكماء المهزومين، ليبثوا الروح العدمية فى كل من يعمل أو لديه هدف يسعى لتحقيقه.
نحن الآن فى مصر فى مرحلة «الهناكرة» بامتياز، مرحلة ما قبل انطلاق ماراثون العمل والتحول الحقيقى نحو المجتمع الذى يحركه الحلم والضمير ويحكم القانون، لكن حتى استقرار هذا المجتمع، سنظل أسرى استعراضات «الهناكرة» على الأرض، وفى الجو والبحر والفضائيات والواقع الافتراضى وحديقة الحيوان ومقاهى وسط البلد والعشوائيات، وإذا لم تصدقنى انظر حولك بإمعان أو فكر فى آخر 10 مواقف استفزازية، مرت أمام عينيك أو لتهتف: يسقط «الهناكرة».. يسقط «الهناكرة» من تلقاء أنفسهم وبدون مجهود أو ثورة!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة