قررت الحكومة رفع سعر الغاز، بحيث يصبح أربعين قرشًا للمتر المكعب لمن يستهلك أقل من 25 مترًا مكعبًا فى الشهر، ثم يرتفع السعر إلى جنيه إذا زاد الاستهلاك على 25 حتى خمسين مترًا مكعبًا، أما إذا تجاوز الاستهلاك الخمسين مترًا، فإن سعر المتر المكعب يصل إلى 150 قرشًا.
لاشك أن الحكومة ستجمع مليارات الجنيهات من هذه الخطوة، وستحاول أن تضبط بها أوضاعها واحتياجاتها، لكن هذه القروش القليلة التى سيدفعها المواطن الغلبان من جيبه ستؤثر فى مستواه المعيشى، وهو مستوى غير لائق بالمرة يكاد يمسك بخناق أكثر من أربعين مليون مصريًا. مشكلتنا نحن المصريين تكمن فى أن جميع حكوماتنا منذ أربعين سنة تتخذ قرارات تخدم مصالح الأثرياء، وتزيدهم ثراء، فى الوقت الذى تهد فيه حيل الفقراء،
وتفاقم من تعاستهم. إنها اختيارات كل الحكومات منذ السادات حتى مبارك، ولما ثار الشعب وطرد مبارك، جاء المجلس العسكرى بحكومات تسير على الصراط المستقيم لحكومات من سبقوه، والأمر البائس نفسه فعله مرسى وإخوانه، وكذلك الببلاوى ومحلب، فكلها حكومات تمثل الطبقة التى تحكمنا، ولا يهمها سوى الحفاظ على تدفق الأرباح الطائلة لهذه الطبقة الطمّاعة، والتى كادت تفقد نفوذها ومصالحها فى ثورة يناير، لولا سذاجتنا وخيبتنا السياسية، إذ لم يعرف الثوار كيف يتسلمون السلطة السياسية، ولا كيف يديرون الدولة، فتحايلت الطبقة علينا، وأتت بوجوه شبه جديدة، واستعادت عافيتها رويدًا رويدًا، فى الوقت الذى تناثر الثوار واختلفوا وتفتتوا، وانظر إلى حجم اليأس المشتعل فى الصدور لتدرك كيف وصل بنا الحال!
إن رفع سعر الغاز لن يحل المشكلة، ولن يقودنا إلى واحة العدل الاجتماعى، بل سيزيد من حالة الاحتقان السائدة فى المجتمع، فلتعمل الحكومة على فرض ضرائب تصاعدية كبيرة على أصحاب الملايين والدخول الخرافية، ولتعلن لهم أنها ستحاول الحفاظ على أرباحهم بهذه الإجراءات، حتى لا تفلت الأمور، ونجد أنفسنا أمام ثورة جديدة، ثورة ملايين المحرومين التعساء.. ثورة لا تطيح بالحكومة فحسب، بل تدمر وتخرب وتنهب، فانتبهى يا حكومة، وتعلموا يا أثرياء قبل فوات الأوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة