الأولون يعرفون أكثر..
الأسبقون أجادوا قراءة واقعهم وحل ألغاز واقعنا..
الراحلون مخلصون فى حبهم لهذا الوطن، ضحوا بأجسادهم وتركوها أسفل الأرض تتفاعل مع عمليات التحلل المعروفة، وأبقوا على أرواحهم تطل علينا من أحد شبابيك البرزخ، تراقب واقعنا المصرى المرتبك، وتتعامل مع مخاوف الشارع من السيسى بعد أن تحول إلى مرشح رئاسى، ومن مصير صباحى الذى يواجه امكانيات دولة مجندة لخدمة منافسه، وتوتر الناس من إرهاب الإخوان المسلمين.
يشاهد الأولون ما يحدث على أرض مصر بنظارة «3d» تكشف لهم البعيد والخفى من كوارث بين طيات تصريحات سياسية أو تحركات أمنية، وتسمح لهم بأن يكشفوا لنا عن صفحات فى كتبهم وتراثهم تخبرنا بتأثير تلك المعطيات على المستقبل.
من شباكه البرزخى يشاهد عبد الرحمن الكواكبى كتابا وسياسيين وحزبيين ومذيعين وهم يقرأون الورد اليومى الخاص بأن انتقاد السيسى أو الحكومة أو مراقبة أدائها فى ظل الظروف الصعبة خيانة، «مش وقته الحديث عن أخطاء الداخلية، وليس موعده الحديث عن ثغرات حملة السيسى الانتخابية أو أداء المرشحين للرئاسة الشخصى»، يشاهد الكواكبى ويسمع تلك النغمة السائدة، فلا يجد سوى صفحة من كتابه طبائع الاستبداد ليقرأ منها التالى: (من الأمور المقررة طبيعةً وتاريخياً أنه ما من حكومة عادلة تأمن المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمة أو التمكن من إغفالها إلا وتسارع إلى التلبس بصفة الاستبداد، وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه وفى خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين: جهالة الأمة، والجنود المنظمة).
من نفس شباكه البرزخى يطل الكواكبى ليرى المئات وهم غاضبون من أى وجهة نظر تقول بضرورة كبح جماح البسطاء قبل انجرافهم نحو مرشح بعينه أو منح نظام بعينه «كارت أخضر» آو توكيلا عاما لكى يتصرف كما يشاء، يشاهد الكواكبى ذلك الغضب غير المفهوم من دعوات الحذر من العوام الباحثين عن المكسب اللحظى دون النظر إلى توابع ذلك فى المستقبل ويقرأ لنا من «طبائع الاستبداد» قائلا: (العوام هم قوَّة المستبد وقوته، بهم عليهم يصول ويطول، يأسرهم، فيتهللون لشوكته، يغصب أموالهم، فيحمدونه على إبقائه حياتهم، ويهينهم فيثنون على رفعته، ويغرى بعضهم على بعض، فيفتخرون بساسته، وإذا أسرف فى أموالهم، يقولون كريما، وإذا قتل منهم ولم يمثل، يعتبرونه رحيما، ويسوقهم إلى خطر الموت، فيطيعونه حذر التوبيخ، وإن نقم عليه منهم بعض الأباة قاتلهم كأنهم بغاة).
ومن شباك برزخى آخر يطل علينا الإمام محمد عبده ويشاهد بحزن كبار المسؤولين والمرشحين وهم يقولون للناس كلاما ويفعلون عكسه فى الواقع، وهم يصدرون للناس وجوها تتحدث باسمهم بينما فى الخفاء وجوها أخرى مكروهة تعمل وتفعل باسمه، يشاهد الإمام محمد عبده ذلك ويفتح لنا من بين كتبه صفحة يقرأ منها التالى: «ذلك مهب البلاء على كل حاكم، ومنبع الشقاء لكل أمير: أن يتّخذ له عمّالاً فى الخفية غير الذين أقامهم على الأعمال فى الجهر».
ومن نفس الشباك يطل الأمام محمد عبده مجددا ليتابع كبار رموز الحياة السياسية وهم يتحدثون بثقة عن ضرورة تسليم دفة البلد إلى رجل واحد لأنه الوحيد الذى يفهم والوحيد القادر على النجاة بسفينتها طالبين من الناس الصبر عليه دون انتقاد أو مراقبة أو حساب، يشاهد الإمام محمد عبده ذلك ويقرأ علينا من أعماله قائلا: (الركن الذى تقوم عليه حياة الناس الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه، وهو: التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب، وما للشعب من حق العدالة على الحكومة.. أن الحاكم وإن وجبت طاعته فهو من البشر الذين يخطئون وتغلبهم شهواتهم، وأنه لا يرده عن خطئه ولا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة له بالقول والفعل).
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ليلى همام
انا فهمت من هذا المقال اننا لازم نمارس الرياضة ولازم نحافظ على صحتنا
شكرا