هناك قصة شائعة، عن مطعم علق لافتة «الأكل بكرة ببلاش» وصدّق البعض وراحوا فى الغد، ووجدوا اللافتة كما هى، «بكرة»، واكتشفوا أن بكرة لن يأتى. نقول هذا بمناسبة ما نراه من الانتخابات والمرشحين والسياسة طول أكثر من ثلاث سنوات.
كانت المشكلة الرئيسية أن هناك إفراطا فى الوعود منذ اليوم التالى للثورة، تصور البعض أن كل المشكلات سيتم حلها فوراً، وتتحقق أهداف الثورة ونعيش فى تبات ونبات. وكل رئيس وزراء جاء كان يعلن برنامجاً سحرياً، وسرعان ما يتعثر ويتراجع ويكتشف الناس الخدعة، فيعود الغضب.
وفى الجهة الأخرى فإن الجمهور أحيانا لا يريد من يصارحه بالحقيقة، ويقول إننا نواجه مشكلات وإننا نحتاج للعمل، وإننا نحتاج سنوات، وقد مل الناس سنوات من حكومات الحزب الوطنى التى كانت تعايرهم بكثرة العدد والاستهلاك. ثم أن الأغلبية ترى أنها دفعت طوال الوقت ثمن سياسات فاشلة وتواطؤ وفساد وظلم.
وفى السياسة وفى الحياة لا يمكن لشخص واحد أن يرضى كل الناس والأطراف والأطياف، لكن لعبة السياسة لا تخلو من مناورة، وبحث عن إرضاء أكبر عدد من الناخبين، قد يفعل البعض ذلك بالإفراط فى الوعود، أو بالإفراط فى الواقعية، وفى كل الأحوال الناس تختار بناء على حسابات، بعضها يكون ظاهرا والبعض الآخر يكون نفسياً.
قلنا من قبل إن أطرافاً فى حملات مرشحى الرئاسة صباحى والسيسى، يقدمون على أفعال تضر المرشح أكثر مما تفيده، البعض يلجأ للمزايدة، أو يتصور أن الهدف هو هزيمة المنافس، وليس تحقيق الانتصار والفوز، والبعض يفعل ذلك بحسن نية متصوراً أن هذا هو الصواب. يفعلون ذلك باسم الثورة والشعب والمصلحة.
وفى النهاية فإن المرشح عندما يصبح رئيساً فهو يكون مسئولاً وحده، عن تنفيذ وعوده، ومن هنا يأتى خطر الإفراط فى الوعود، كانت مشكلة البلد خلال 3 سنوات وأكثر أن الناس تلقت وعودا حولت البحر إلى طحينة، ولعل تجربة الرئيس السابق محمد مرسى خير مثال فالرجل أفرط فى الوعود، ووجد الناخبون والمواطنون أنفسهم أمام شلة تحكم بلا دراية، وتعلق كل خطأ على شماعات الآخرين. وكأنها لم تكن تعرف وجود آخرين فى الدولة، قلنا هذا من قبل.
لا نحتاج لمرشحين يحولون البحر إلى طحينة، ولا إلى سوبرمان، بل رئيس يبنى نظاما يكتشف الخبرات ويغير نظاما يستبعد الكفاءة، لأن المشكلة ليست فى الرئيس المحتمل، بل فى شلة الرئيس المحتمل، التى تصر على أن «الأكل بكرة ببلاش».