فى الوقت الذى تنشغل فيه القوى السياسية بانتخابات رئاسة الجمهورية، لم يشغل بالها قضية قرار رئيس الجمهورية بقرار بقصر حق الطعن على عقود الدولة على طرفى العقد فقط، وإلغاء أى أحكام أصدرتها محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، ولم تصدر المحكمة الإدارية العليا حكمها النهائى فيها بعد، ويمنع مجلس الدولة من الاستمرار فى نفس الدعوى.
ويعنى هذا «القرار القانون» إسقاط حق أى مواطن فى الطعن على عقود بيع الشركات التى أقدمت الحكومة على خصخصتها، وكذلك تحصين أى صفقة بيع فى المرحلة المقبلة، وبقدر ما يعد هذا الأمر ضد الدستور، فإنه يعد بمثابة تحصين الفساد بالقانون، وتوفير المناخ الخصب للمفسدين الذين سرقوا ثروات الشعب المصرى باسم الخصخصة.
فى مقال مهم للمهندس المحترم يحيى حسين عبدالهادى، فى الزميلة الأهرام فى عددها الصادر أمس بعنوان: «الانبطاح لن يأتى إلا بمستثمر فاسد»، يكشف جانبا عن قصة إصدار هذا القانون، مشيرا إلى أن ضربة البداية له جاءت فى اجتماع مجلس رجال الأعمال المصريين مع نظرائهم فى دولة عربية، ففضفض فيه أحد هؤلاء حول الموضوع وتجرأ على القضاء المصرى، وبدأت هذه الهرتلة تشق طريقها فى مصر مع حملة ممنهجة عن مئات المليارات من الدولارات التى سيتم دفعها فى قضايا التحكيم الدولى، وقام وزير الاستثمار فى حكومة الببلاوى بالإعلان عن هذا القانون حتى أخذ دورته الكاملة ليكتمل بقانون أصدره رئيس الجمهورية.
القصة على هذا النحو تقودنا إلى أنه لم يتغير شىء فى مصر، فطريقة إصدار القوانين هى كما هى، بعضها يبدأ بنميمة، وينتهى إلى نصوص ترتب كوارث يصنعها مسؤولون، وفى زمن مبارك مثلا، كانت الدولة بأجهزتها تتفنن فى اختراع الأساليب التى تغرى المفسدين للإقدام على شراء الشركات، بدءا من تخسير هذه الشركات عمدا، وانتهاء بسن القوانين التى تتيح للفاسد الشراء دون إلزامه بأى حقوق اقتصادية نحو العمال أو الإبقاء على نشاط الشركة فى إنتاجها، ونتج عن ذلك هدم صروح صناعية كبيرة وتحويلها إلى عمارات سكنية، وبهذا الأسلوب تعاظمت ثروات هؤلاء المفسدين فى مقابل تشريد ملايين العمال.
كان القضاء هو ملاذ العمال وكل المواطنين الذين يرون أمامهم بيع مصر فى سوق النخاسة، فتم رفع قضايا لإبطال بيع شركات، وانتصر القضاء للحق فأبطل عقود بيع ست شركات هى، «عمر أفندى»، «طنطا للكتان»، «غزل شبين الكوم»، «المراجل البخارية»، «النيل لحليج الأقطان»، «العربية للتجارة»، ومن خلال هذه الأحكام ظهر المسكوت عنه فى صفقات البيع، وما جرى فيها جرائم فى حق الشعب المصرى، فهل كان القضاء على خطأ؟
وأعود إلى مقال المهندس يحيى حسين عبدالهادى الذى يطلق فيه صرخة مدوية وسط صمت «الأشاوس» الذين دافعوا عن القطاع العام قبل ذلك، وأنقل منه قوله المؤلم: «إن رجل الأعمال الذى يشترط تقليص سلطة القضاء لن يأتى فى الأرجح إذا انبطحنا له، وإنما سيطالبنا بمزيد من الانبطاح، وسيذهب باستثماراته كما اعتاد إلى البلاد التى تحترم قضاءها ومواطنيها».
كان «الفساد بالقانون» من أهم سمات زمن ونظام مبارك، وها نحن نعود إليه.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدين موش عايز يبقى رئيسى .. حمدين عايز يحاكم السيسى
حمدين و من معه من 6 أبريل و الألتراس و القوى الثوريه هم الأمل و المنى و الدنيا و الأحلام
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
تحصين الفساد وحماية المافيا والاستبداد بالقانون كلها نواة بركان للثوره على النظام القادم
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الفساد والارهاب كلاهما نتيجه حتميه لغياب العداله والتلاعب بالقانون والدستور
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
كالعاده يؤمن الاشاوس بان القوه والبطش كفيلان باخضاع الشعب وحماية الفساد والفاسدين
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
للاسف لم نتعلم شيئا طوال 33 سنه وكله ماشى بنفس الاسلوب القديم - كيف نخدع شعبنا
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الاعتراف بالحق فضيله - نحن نعيش فى دوله يملكها مبارك وفلوله
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
أبن البلــــــد
نحن مصممـــون على الفشل
التعليــــق فووووووق ياشعــب
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
دفن رؤوسنا فى الرمال وتجاهل مشاكلنا من جذورها هو الخطر الحقيقى الذى يهدد كل حياتنا
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مصــــــــــــــــــــرى
الفساد يرتدى ثــوب القانون
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
كيف نساعد الحكومه ولدى كل منا عشرات المشاكل التى تهدد حياته ومستقبله
بدون