علاء عبد الهادى

«لايك» ثم «شات» ثم «موعد ولقاء»

الثلاثاء، 29 أبريل 2014 06:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هاى: صورتك أعجبتنى، ووجدت فيها ملامح الفتاة التى عشت أحلم بها طول عمرى، امنحنينى السعادة وردى على.. بعد تردد: هاى، اسمى جيوتى كورى، وصورتى أمامك على (حسابى) ماذا تريد أكثر من ذلك؟ وبالمناسبة ما اسمك، وماذا تعمل؟

- اسمى فينيت سينج، عمرى 22 سنة، تخرجت حديثا فى الجامعة وأبحث عن عمل وعن حبيبة تكون زوجة لى، وقد وقعت أسير صورتك، وبالمناسبة أيضا، هل يمكن أن أسألك كم عمرك، أم أنه لا يحق لنا أن نسأل عن عمر الملائكة.

- أنا عمرى 21 عاما، أى أننى أصغر منك بعام، أنا من عائلة محافظة، وعريقة من منطقة مظفر نجار بولاية أوتار براديش الهندية.

على مدى عامين فشل سينج فى إيجاد فرصة عمل، ورأى أنه وجد الحبيبة التى ستغير حياته، فالحب يصنع المعجزات، وحبيبته وعدته بأن تأخذ بيده بما لدى أسرتها من سطوة ونفوذ، ولن يستعصى عليهم أن يجدوا لمثله وظيفة محترمة.. لم يعد يستطيع أن يستغنى عن جيوتى، الملاك التى تنير حياته، ورغم أنهما وقعا فى الحب فإن طلباته للقائها كانت عادة تقابل بالرفض، وفى كل مرة يغضب بسبب رفضها ويصر على قطع الاتصال بها، يجد نفسه مسحوبا، وهو لا يدرى لكى يجلس أمام الكمبيوتر بالساعات علها تطل عليه من جديد.

أخيرا ستحقق المعجزة عندما قررت جيوتى أن تحن على العاشق الولهان سينج ووافقت على لقائه، حددت الزمان والمكان بحيث يتعرفان على بعض بسهولة، وجاءت اللحظة التى لم ينم بسببها سينج ليومين كاملين، وكانت المفاجأة التى لم يتحملها عقل سينج وأصيب بلوثة عقلية، فالتى تجلس أمامه بالتأكيد ليست هى الفتاة الجميلة التى أحبها على مدى عامين وعلق عليها كل آماله، فجيوتى التى عاش يتغنى بجمالها ما هى إلا أم لثلاثة أطفال وفى سن أمه وتكبره بعشرين عاما، والمفاجأة الكبرى أن صورتها التى خدعته بها كانت صورتها بالفوتوشوب وهى فى المرحلة الثانوية.. لم يتحمل سينج الخدعة ففى لحظة مجنونة أطلق رصاصة على الحبيبة المخادعة لتسقط فى الحال جثة هامدة، وفى نفس اللحظة التى طار فيها عقل سينج أطلق على نفسه الرصاص ليسقط مضرجا فى دمائه، تم إنقاذ الحبيب المخدوع وماتت حبيبته ليتحول الأمر إلى خبر تطيره وكالات الأنباء الأسبوع الماضى.

اذا بحثت فى محيطك فستجد المئات الذين يعيشون حالة الحب الافتراضى، يقضون قاسما كبيرا من حياتهم على الفيس بوك، ومن «لايك» إلى «شير» إلى «كومنت» تبدأ السنارة الإلكترونية تغمز، يعقبها حوارات على «الميل» الشخصى، كل هذا قد يكون مقبولا لو كان كلا الطرفين يعرف بعضهما البعض، بشخصيتيهما الحقيقيتين ولكن هناك شريحة من الجنسين أصبحت تعيش فى الفضاء الإلكترونى ما لا تعيشه فى الواقع، هذه التى لا تجد الحب ولا الكلمة الحلوة من زوجها، تنشئ حسابا باسم وبيانات وهمية وتبدأ فى مشاغلة حبيبها الذى حلمت به ولم تتزوجه، تقضى معه الساعات تبثه الكلمة الحلوة وتنتظر أحلى منها، وشيئا فشيئا تكتشف أن حياتها بدون هذا الحب الافتراضى أصبحت مستحيلة، ترى أن ضميرها مستريح، أو هكذا تصور لنفسها، فهى شريفه عفيفة، جسدها لزوجها ولأبنائها، ولكن من حق روحها أن تنطلق مع من تحب، مع من يسمعها الكلمة الحلوة، ويشعرها بأنوثتها حتى ولو بالكذب.

على الجانب الآخر، تجد كثيرين، ملائكة فى أماكن العمل، دماثة خلق، أدب جم، يؤدون الفرائض ولكنهم فى الفضاء الإلكترونى، أشياء أخرى، الفجور والمجون، يخرج الشيطان الكامن فى أعماق النفس، يعربد هنا وهناك، يتحرش بهذه، ويخوض فى سيرة تلك، ويشاغل زميلته فى العمل، أو بنت الجيران التى فشل فى أن يتزوجها، ولا مانع من قصة حب، وبمجرد أن يغلق جهاز الكمبيوتر يعود إلى حياته العادية إنسانا خلوقا مؤدبا هادئا، لا تخرج العيبة من فمه. إنه الفضاء الإلكترونى الذى نعيش فيه الآن أكثر مما نعيش فى الواقع، انظر حولك فى البيت والنادى، وفى المواصلات العامة، ستجد جميع من حولك فى حالة حياة إلكترونية، بحلوها ومرها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة