هو المنحدر لا ريب، لا نختار من الدين إلا أسوأ التفسيرات، ولا نرتضى من السياسة إلا أقبح النظريات، ولا نعيش الحياة إلا بأقل المقومات، ونظل منكفئين على رغباتنا الدنيا وحاجاتنا الأولية، لا نريد أن نغادر مغارة الإنسان الأول، لا نريد أن ننظر إلى السماء باتساعها ورحابتها، لا نريد أن ننظر إلى ما هو أبعد من السماء والأرض، لا نريد أن نحلم خشية السقوط فى دوامة اليأس، وبدلا من أن نحارب لتتجاوز أحلامنا معوقاتها، ننخفض للتيار حتى لا يصعقنا التيار، غير مؤمنين بما يؤمن به العشب الذى يتحدى العواصف ويصمد أمامها، فتتحول العواصف من نقمة إلى نعمة وبدلاً من أن تقلعه من أرضه تسهم فى انتشاره وتوغله فى أقصى الأماكن وأبعدها.
كل ما هو حولك يجبرك على الانحناء، غير أن هناك دائما من يفضلون الموت وقوفا، تصدمك فتوى عاقر لشيخ كريه، يفاجئك إعلامى أخرق بكلمات رخيصة، يغرقك الابتذال الآتى من راقصة لعوب، فلا تنجو منها إلا لترى حكومتك الغراء متورطة فى معركة تافهة من أجل فيلم هابط، يقول لك الشيخ الكريه: إذا ما حاول أحد أن يغتصب امرأتك فاتركها له، لأن حفظ النفس مقدم على حفظ العرض، تراجع الكلمة مرارا وتكرارا، ثم تسأل نفسك: منذ متى ويؤمن السلفيون بمقاصد الشريعة التى تقدم حفظ الكليات على الجزئيات، ألم «نهاتى» حينما كانوا يضعون الدستور مطالبين بالنص على أن مقاصد الشريعة هى المبدأ الرئيسى للتشريع ولم يستجيبوا؟ ألم يسمعوا قول رسول الله: «من مات دون أهله فهو شهيد»؟
تنسحب فتوى الشيخ الكريه على الكثير مما تراه حولك، وتندهش حينما ترى الكثيرين يرددونها حتى قبل أن يسمعوا بها، ولا تندهش حينما تتذكر أن هؤلاء الكريهين هم الذين كانوا يرددون فتاوى تحريم الخروج على الحاكم، ولذا صار فقه الخنوع هو الفقه الرسمى المعتمد فى بر مصر، فهذا يرى امرأة يتم التحرش بها فى الطريق العام فيتركها، وهذا يرى الباطل باطلاً ولا يرده، وهذا يقول: إن كان لك عند الكلب حاجة قله يا سيدى، وهذا يقول: «لو رحت بلد بتعبد العجل حش وارمى له» وهذا يرى بلده يغتصب على يد حفنة من آكلى لحوم الوطن، فيتركه لأن الشيخ الكريه موجود فى كل زمان ومكان، وآثار سمومه السوداء واضحة على كل الجباه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة