قال الرجال- أهل طريق الحق- إن الهوس الأعمى بالدنيا والرغبة فى الاستحواذ على كل ما فيها من مال وجاه ولذات ومتع ممنوعة ومحرمة، هو مرض عضال يبدأ صغيرا حتى يصبح وحشا كاسرا يلتهم الرحمة والأنوار وحب الخير من القلوب، فتصبح القلوب قاسية، أنانية، ظلمة، لا ترمش ولا تهتز إذا ظلمت أو قتلت أو دمرت الحياة ذاتها، إنه أمر غريب أن يعتقد الإنسان بأن هناك عالما آخر وهناك حساب وعقاب ويلهث وراء كل ما هو قبيح وظالم وحرام فى الدنيا ولا يتوقف ليعيد النظر فيما يجرى على يديه من آلام وأحزان، لقد مات القلب النورانى الذى قال عنه الله سبحانه وتعالى «لا تسعنى أرضى و لا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن»، ولم يبق سوى حطام قلب تعيش فيه حيوانية سوداء تدمر ما حولها وتدمر ذاتها، قال سيدنا عيسى، عليه السلام: «لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم عبيدا»، وقال أحد العارفين: الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ويجمعها من لا عقل له.. من أحب دنياه بهذا الهوس والجشع والظلم والأنانية وشهوة الهيمنة المتوحشة، فقد أضر بآخرته، وقال الصالحون: إن هناك أربع خصال من الشقاوة: جمود العين، وقسوة القلب، وطول الأمل، وحب الدنيا، البخيل عبد الدينار وقاسى القلب الذى لا يرق قلبه للفقير والمسكين كتب على نفسه بسلوكه الهلاك فى الدنيا والآخرة وخسر حب العبد والرب سبحانه وتعالى.
قال عليه الصلاة والسلام: «أولياء لا يرغبون فى جمع المال والدينار ولا يسعون فى اقتنائه واحتكاره، إنما رضاهم من الدنيا ما يسد جوعهم ويستر عوراتهم..» أمثال سيدنا عثمان، رضى الله عنه، الذى كان المال فى يده لخدمة المسلمين، وكذلك كان سيدى عبدالرحمن بن عوف الذى لم يبخل على الأمة الإسلامية بدرهم ولذلك بشروا بالجنة، ولأن قلوبهم كانت عامرة بنور الله وبحبه وبحب سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، ففازوا فى الدارين.
عدد الردود 0
بواسطة:
فتحى السايح
اللهم إجعلنا ممن كان رضاهم من الدنيا ما يسد جوعهم ويستر عوراتهم..