قال المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية الصديق أحمد المسلمانى: «مصر أمام خيارين، العائدون من أفغانستان والعائدون من هارفارد».
«هارفارد»، هى الجامعة الأمريكية الشهيرة، و«العائدون من أفغانستان» هم المصريون الذين ذهبوا فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى للجهاد ضد احتلالها من الاتحاد السوفيتى، وذهبوا إليها بتشجيع من الرئيس الراحل أنور السادات، بإعلانه فتح باب التطوع لمناصرة القضية الأفغانية التى غطت وقتها فى مصر على كل شىء
فخطباء المساجد تباروا فى ذكر المعجزات الآلهية عما يحدث هناك لآلة الحرب السوفيتية مثل حفنة التراب التى تدمر الدبابة.
عاد هؤلاء إلى مصر ليذوق المصريون على أيديهم طريقا طويلا من الإرهاب، ومن الضرورى حين نؤصل تاريخيا لهؤلاء أن يتم معرفة مسؤولية السادات وأجهزته الأمنية والدور الأمريكى عنها، وفى تعليق دال على ذلك وعلى ما ذكره «المسلمانى»، قرأت رأيا ذكيا على شكل سؤال، كتبه الصديق المحامى محمود الزهيرى فى صفحته على الـ«فيس بوك»:
من أعد وجهز وجند الذاهبين لأفغانستان، حتى يضعهم فى خيار مع العائدين من هارفارد؟، أليس العائدون من أفغانستان هم صناعة من أعد الذاهبين؟، هذا السؤال لا يتعلق بالماضى، وإنما يحملنا إلى المستقبل الذى يكاد يتوه منا مرة أخرى بصناعة جديدة للاستبداد، ويكفى أن نرى الحياة تدب من جديد وبنشاط كبير من رجال وقواعد وإعلام الحزب الوطنى فى دلالة على حلم استعادة الماضى بسياساته التى أفرزت ظاهرة «الأفغان العرب».
رأى «المسلمانى» يأتى فى سياق نشاطه الملحوظ فى الأسابيع الماضية بلقاءاته مع مصريين خريجى الجامعات الأجنبية، وهذا نشاط محمود إذا لم يقتصر التعامل معه على «الشو الإعلامى»، غير أن سؤالى: «لماذا لا يكون الخيار بين العائدين من أفغانستان والعائدين من هارفارد، والخريجين من الجامعات المصرية؟».
قد يرى البعض أن سؤال «المسلمانى» يدخل فى صميم ولعه بكل ما هو غربى، على حساب ما هو صناعة محلية والتى يدخل التعليم فى مصر بخرجيه فى نطاقها، وللأسف فإن محاسبة خريجى الجامعة تتم الآن وكأنه المسؤول عما لحق بالتعليم من خراب فى زمن مبارك، واستكمالا لذلك قد يرى البعض رأى «المسلمانى» أنه تعبيرا عن عدم اقتناع منه بهذا «الخريج»
الذى يتعب ويكد فى تعليمه، ثم يخرج من الجامعة فلا يجد عملا نافعا يحقق ذاته من خلاله، ولعل مشهد حاملى درجات الدكتوراة والماجستير الذين يتظاهرون من أجل أن تلتفت الدولة إليهم لتوفير فرصة عمل لهم، يحيلنا إلى أن كل من يسعى إلى الارتقاء العلمى يكون نصيبه الجلوس على قارعة الطريق للتسول، كما يدخل فى صميم هذه القضية أيضا هؤلاء المتفوقون فى دراستهم دون أن يلتفت إليهم أحد.
هنا تكمن المأساة الكبرى التى تصب مباشرة فى صالح نهج «العائدون من أفغانستان» وقد نجدهم لاحقا فى «العائدون من سوريا»، فإذا لم يتم الالتفات بإيمان إلى «الخريج المصرى القح»، قد نجده غدا مددا للإرهاب، وليس شرطا أن يحملوا البندقية لتنفيذ عمليات إرهابية، وإنما يكفى أن يكفروا بحاضرهم وغدهم.
فى الطريق إلى صناعة المستقبل إن لم يكن أبناؤنا الذين شربوا من مرارة تعليمه طرفا أصيلا فيه فلا أمل فى شىء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة