قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، كانت النخبة والأحزاب والرأى العام تتحدث عن أنها لن تعطى صوتها لأى مرشح رئاسى إلا بعد عرض برنامجه الانتخابى والاقتناع به، وإلى الأحزاب توافد المرشحون لعرض رؤيتهم للمستقبل، وكان فى ذلك ملمح إيجابى، كما أنه كان من العلامات الصحية التى عرفتها حياتنا السياسية بعد ثورة 25 يناير، وبعد سنوات طويلة من الممارسات التطبيقية لمفهوم «أنا البرنامج»، وكان مبارك هو المعنىّ بذلك، وعملًا ببيت الشعر «إذا كان رب البيت بالدف ضارب.. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص»، تعامل أركان نظام مبارك على نحو أنهم فى حد ذاتهم «برامج»، وذات مرة سُئل الدكتور فتحى سرور عن برنامجه لأهل دائرته وقت ترشحه للانتخابات البرلمانية: «ما برنامجك لأهل دائرتك؟»، فرد بغطرسة كبيرة: «أنا البرنامج».
أقول ذلك بمناسبة ما ذكره كاتبنا الكبير وأستاذنا محمد حسنين هيكل فى حواره يوم الخميس الماضى مع الإعلامية لميس الحديدى، بأن عبدالفتاح السيسى لا يحتاج إلى برنامج، ولا حملة انتخابية يخوض بهما الانتخابات الرئاسية، وقال: أنا أعتقد أن البرنامج هو الأزمة، ومما قاله للتدليل على وجهة نظره، قوله بأن المرشحين للرئاسة فى الديمقراطيات الغربية يخوضون الانتخابات على برامج أحزابهم المعروفة سلفًا.
«الأستاذ» بهذه الطريقة، يحيلنا إلى مفهوم «أنا البرنامج» الذى ساد قبل ثورة 25 يناير، ويقول هذا لا يريدنا أن نتذكر أن جمال عبدالناصر نفسه، وفى وقت «الأزمة» أسس مشروعه التحررى النهضوى ببرنامج فكرى وسياسى طرحه ثلاث مرات، الأولى كان فى «فلسفة الثورة» والذى كان بمثابة وثيقة سياسية بغطاء فكرى تحدد انحيازات ثورة 23 يوليو 1952، أما المرة الثانية فكانت فى ميثاق العمل الوطنى عام 1962، والثالثة كانت فى برنامج «30 مارس» الذى صدر عام 1968 بعد نكسة 5 يونيو 1967، وتحدث عن إعادة بناء القوات المسلحة، والصمود الاقتصادى، وتصفية مراكز القوى، وغيرها من القضايا التى طالبت بها الجماهير التى خرجت فى مظاهرات وقتئذ تطالب بالتغيير، فكانت استجابته لها.
فى المرات الثلاث كان «هيكل» حاضرًا فى إطار العلاقة المتينة التى ربطته بجمال عبدالناصر، فهل من المنطقى أن تكون قامة بقيمة عبدالناصر عملت على تأسيس علاقتها بالجماهير وقت الأزمة، وفقًا لرؤية سياسية وفكرية صاغتها فى وثائق، وناضلت من أجل تنفيذها، ثم يأتى «الأستاذ» ويحدثنا الآن على أنه ليس من الضرورى وجود برنامج؟!
أما فيما يتعلق بقوله إن الديمقراطيات الغربية يخوض فيها المرشحون على برامج أحزابهم، فتلك مردود عليها بأن الديمقراطيات هناك رسخت أقدامها، وخاضت مراحل طويلة حتى وصلت إلى ما هى عليه الآن، وإذا كنا فى مصر فى مراحلنا الأولى لتأسيس حياة ديمقراطية سليمة، ونطمح من خلالها إلى اللحاق بديمقراطيات الغرب، فالأولى أن نبدأها على أسس سليمة، نعوّد الناس من خلالها على الاختيار وفقًا لبرامج وليس أشخاصًا.
كان لـ«الأستاذ» كلمة شاعت قبل ثورة 25 يناير، هى: «جف بحر السياسة»، مشيرًا فيها إلى عقم الحياة السياسية التى سادت فى زمن مبارك، فهل نحن مقبلون على امتداد هذا الجفاف وهذا العقم؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
من الضرورى عقد المناظرات بين المرشحين حتى يتعرف الشعب على برنامج وفكر كل مرشح
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
كان الاحرى بالاستاذ هيكل ان يصر على البرنامج لكل مرشح خاصة انه يعرف سبب كل البلاوى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مصيبتنا ان هناك دائما مافيا تدير العمليه الانتخابيه من الالف الى الياء
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
يا سيد شفيق - اهلا بيك اذا عدت ومعك الاموال المهربه - بدون ذلك خليك مكانك احسن
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
يا اسكندرانية أثلجتي صدري
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
العواطف لا تبنى مستقبل - كفايه 33 سنه عواطف كان نتيجتها نكبة البلد وخرابها
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
Galal
برنامج السيسي هو مواقف عمليه سجلها التاريخ وليست تزويق ورص كلام
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب اللى محدش عارفه
عشنا 30 عام تحت وهم أن مصر عقيمه من الرجال،، لماذا يستكثر البعض حقيقه أن مصر ولاده؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
أستاذ / زيكو .. تحياتي وإحترامي لك
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
لا شك دوله تمشى ببرنامج احسن من دوله تمشى بالمزاج
بدون