ثمة علاقة كبيرة رأيتها بين كلمة حاكم إمارة الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمى التى ألقاها فى افتتاح احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الجارى، وبين ما يحدث ونراه ونعيشه فى مصر، حيث كان الشأن المصرى حاضرا وبقوة سواء على مستوى الحضور أو على مستوى الحوارات الجانبية التى جرت بين الضيوف. اختار القاسمى أن يوجه فى كلمته بهذه المناسبة رسائل أولها: أن الاختلاف فى العقائد والأديان، والألوان والثقافات بين الشعوب لا يعنى أبداً صدام الحضارات، ولا صراعها، ولا إفناء إحداها للأخرى، بل يعنى التعارف الذى نص عليه القرآن الكريم، قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، حيث قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» ثانيها: «أن الحوار هو منهج الخطاب فى القرآن الكريم للمسلمين وغير المسلمين، ولم يكن ذلك مجرد نظرية، بل طبقها النبى (صلى الله عليه وسلم) فى أرض الواقع، ومثلت حجر الزاوية فى بناء الحضارة الإسلامية»، ثالث شىء أن الإسلام دين الصفح والتسامح، والعفو والرحمة، وقد خاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله.. «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» فالغلظة والفظاظة والتشدد، كل ذلك ليس من الإسلام فى شىء، وأن الإسلام دين عالمى يفتح أبوابه على مصاريعها لكل عناصر الحب والخير والجمال مهما اختلفت مواطنها وتعددت مصادرها. آخر رسالة للقاسمى، وهى الأهم، وجهها إلى المسلم نفسه وقال: «فلتبدأ أيها المسلم بذاتك.. فتتفاهم مع إسلامك، ثم تنتقل بعد هذا إلى التفاهم مع المسلم الآخر، وحينئذ يسهل عليك أن تتفاهم مع الآخرين».
على يمينى كان يقف عبدالحكيم عبدالناصر مدعوا لحضور هذه الاحتفالية، وكان من الطبيعى أن يدور الحديث حول مصر ولم يتردد عبدالحكيم فى الإعلان صراحة عن سعادته بدخول السيسى لمعترك انتخابات الرئاسة، ورغم ذلك كان من الذكاء أن يرفض النيل من مرشحه السابق حمدين صباحى، على يسارى كان مجموعة من الإعلاميين العرب من أقصى المغرب العربى إلى مسقط على الخليج العربى، الكل مجمع على أن بداية استشفاء الجسد العربى تكون من القاهرة، باعتبارها قلب الوطن العربى، يقولون هذا عن قناعة.
اختارت الشارقة أن تطلق احتفالاتها كعاصمة للثقافة الإسلامية بعمل فنى غير مسبوق من حيث الإمكانيات الفنية والتقنية المبهرة التى استخدمت فيه، ولأول مرة تخرج للنور على مسرح المجاز وأيضا باختيار عدد من رموز الغناء العربى، حسين الجسمى، ولطفى بوشناق، وعلى الحجار، ومحمد عساف، ليشدوا بحب المصطفى عليه السلام تحت عنوان عبقرى «عناقيد الضياء». تركت عناقيد الضياء فى الشارقة لكى تصدمنى عناقيد الخلايا الإرهابية فى شوراع مصر، خلية تستهدف محيط جامعة القاهرة، وخلايا فى جامعة الأزهر معقل الوسطية، أو هكذا كنا نعتقد، عناقيد الإرهاب تستبيح دماء المصريين هنا وهناك باسم الدفاع عن دين الله، عدت إلى بيتى لأجد الدنيا مقلوبة رأسا على عقب، والمرور فى حالة شلل تام، فمقر جريدة الوطن على بعد أمتار من بيتى، وأحد الشباب نسى شنطة محمولة أمام أحد المحلات الملاصقة لمقر الجريدة وشك الناس أن يكون بها قنبلة، لهم العذر فعلى بعد خطوات انفجرت عدة قنابل أمام الحرم الجامعى لجامعة القاهرة، وقبلها انفجرت قنبلة أمام بيتى استهدفت سيارة أمن مركزى ليستشهد فيها اثنان من الجنود الذين لا ذنب لهم، تجربتى مع الإرهاب، هى تجربة كل مصرى يحلم بمصر.