لم تكن أرواح المصريين يومًا ما أرخص ثمنًا وقيمة من أرواح «عصفورة أو قطة أو كلب» من الذين يقتنيهم عدد من المواطنين فى منازلهم، مثلما أصبحت بعد 25 يناير، فيما يطلق عليها اصطلاحًا «ثورة سوكا».
مصر دشنت تاريخها عندما توصل المصرى القديم إلى معرفة الكتابة، ببناء المقبرة، ليوارى فيها مومياواته، وتفنن المصريون فى تطوير المقبرة من الحفرة، إلى المصطبة، ثم الهرم المدرج «مثل هرم زوسر»، ثم الهرم الكامل كما هو فى أهرامات الجيزة «خوفو وخفرع ومنقرع»، وأبدع فى التصميم الهندسى للمقابر، وزينها بأروع أدوات الفن «الرسم والنقش والنحت».
ومن ثم فإن الحضارة المصرية أبرز مرتكزاتها المنشآت والأساس الجنائزى، فجميع ما خلفه الفراعنة من آثار عبارة عن مقابر لدفن الموتى، ومعابد ليتعبد فيها، ولم يعثر الأثريون على منازل أو قصور حياتية يعيش فيها، لذلك فإنه مجّد الموت على الحياة، وإدراكه أنه ذاهب للعالم الآخر تاركًا الدنيا.
ورغم ذلك، فإن الفراعنة كانوا لا يزهقون الأرواح، ويصيبهم الهلع والرعب من الفوضى والقتل، ويظهر ذلك جليًا فى الصراع الدامى بين «حورس» وعمه الشرير «ست»، لاسترداد مُلك أبيه أوزوريس، وتدخلت الآلهة لوقف نزيف الدماء، قناعة منهم بقيمة الإنسان.
لكن وبعد 25 يناير، أصبحت حياة المصريين لا توازى قيمتها شيئًا، فلا يمر يوم إلا ويسقط العشرات قتلى، سواء بواسطة التفجيرات الإرهابية، أو القنص بالرصاص، أو السحل فى الشوارع، أو بإلقاء الجثث من شرفات وأسطح المنازل، وأصبح اصطياد «البنى آدمين» رياضة صيد محببة بعد الثورة، وحلت محل صيد الطيور حديثًا، والحيوانات المفترسة قديمًا.
العمل الثورى بمفهومه العام والشامل هدم الفساد، ثم الانتقال إلى البناء، إلا فى مصر، فمنذ ثورة سوكا التى اندلعت منذ ثلاث سنوات ونصف، لم تشهد إلا هدمًا فقط، وتدميرًا للبناء، ولو صار الوضع الحالى فى نفس المسار من فوضى وتدمير، لن يكون هناك أخضر أو يابس، لأن أطفال الثورة أصابهم المرض الخطير، وهو «التثور اللاإرادى»، فأعضاء حركة 6 إبريل «يتثورون على أنفسهم لا إراديًا»، فى منامهم ويقظتهم، ومن هنا سنظل فى حالة الانفلات الأمنى، ورخص ثمن أرواح المصريين، وزيادة مذهلة فى تشييد مقابر الموت.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبد المنعم السيد
ثورة يناير ثورة شعب وليست تثور لا إرادي !
عدد الردود 0
بواسطة:
على ابراهيم
تطبيق القانون