سعيد الشحات

لماذا لا أكون وزيرا أو محافظا؟

الخميس، 01 مايو 2014 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال لى: «لماذا لا أكون محافظا أو وزيرا، هم المحافظين والوزراء الموجودين أحسن منى فى إيه، أنا قضيت عمرى معارضا، لم أحصل على منصب؟ فلان ده أحسن منى فى إيه؟» ظل يعدد لى أسماء مسؤولين سابقين وحاليين، يتحدث عن نفسه بالمقارنة معهم، على أنه الأكثر قدرة.

كان يتحدث كتاجر يعرض بضاعته، ويترقب اللحظة التى سيبيع فيها سلعته بالثمن الذى يريده، بضاعته التى يروجها هى أنه، كان معارضا يتحدث عن الجماهير التى يعيش لها ويتوجه إليها، وفى الحقيقة أنه لا يعرفه أحد من جيرانه، هو فى نهايات الخمسينيات من عمره، يقترب من الخروج إلى المعاش، أى الجلوس خارج صفوف الوظيفة.

أتابع باهتمام منذ فترة فى دائرتى الاجتماعية خاصة وفى بلدتى عامة حالة الموظفين الذين خرجوا إلى المعاش والذين اقتربوا منه، أرى فيهم تصرفا يثير انتباهى، الكثير منهم يطلقون لحاهم، وينصرفون إلى العبادة، بعضهم يسخر نفسه للخدمة العامة، لكنه يختار مثلا ما يتعلق بشؤون المساجد أكثر من أى شأن آخر، وحصيلة ذلك تبدو كما لو أن هؤلاء يتصرفون ويريدون تعويض ما فاتهم من قصور فى العلاقة مع الله سبحانه تعالى.

لا أنتقد هذه الحالة، ولكن أراقب أصحابها من زاوية فهم التحولات الشخصية للمصريين عبر حلقات عمرهم، وفى هذا السياق يشغلنى مثلا هؤلاء الذين يصلون إلى حد الاستقرار فى الحياة وظيفيا وماليا، ثم فجأة تظهر عليهم أعراض الثورية، وبعضهم يتقمص دور الحكيم رغم أنه كان بعيدا عن الحكمة طوال حياته، وبعضهم يتحول إلى سياسى بعد أن كان يلعن السياسة ورجالها.

المؤكد أن بين هذه الحالات هناك من يبقى على اختياراته التى يؤمن بها، حتى لو كانت تؤدى به إلى خسائر دائمة، يكفيه أن ينام على فراشه بكل راحة ضمير، ويكفيه أن تبقى نظرة قومه إليه باحترام دائم، حتى من الذين يختلفون معه، وهؤلاء هم الباقون فى التاريخ والضمير.

ما علاقة كل ذلك بحالة صاحبى الذى يحلم أن يختتم معارضته بأن يكون وزيرا أو محافظا؟
سألته: هل تعبت من المعارضة بكل ما تحمله من معاناة؟
أجاب: أنا لا أطلب أكثر من حقى، هل أختم حياتى دون أن أحصل على المنصب الذى يليق بى؟ قال لى ذلك ومضى، لكنه ترك لى الوساوس، وفتح لى باب التوقعات بأنه يسير فى الطريق الذى سيجعله شخصا آخر غير الذى عرفته من قبل، وربط بين هذه الحالة واهتمامى بحالة الذين خرجوا إلى المعاش فى قريتى.

كان صاحبى أمامه مشكلة حقيقية، وهى أن الطريق إلى طموحه الجديد يحتاج إلى طريق غير الذى سار فيه من قبل، فاختفى عن أنظار أصدقائه القدامى ورفاق الدرب، وظل يفكر ويفكر فى أنه الآن يحتاج إلى ناس غير هؤلاء الذين عرفهم طوال سنوات عمره التى مضت، يحتاج إلى لغة مختلفة، يحتاج إلى تبريرات يطرحها عليهم، يحتاج إلى أن يقنع الناس الذين صدقوه من قبل.

الوقت قصير بالنسبة له، فقرر أن يضرب «كرسى فى الكلب» ويخسر الجميع، انتظارا لمنصب محافظ أو وزير.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة