أعتقد أن الإعلام والحملات الانتخابية سيكون لها تأثير محدود على آراء واتجاهات الجمهور من السيسى وحمدين لأسباب كثيرة منها أن المجتمع منقسم على نفسه ويعيش حالة من الاستقطاب الحاد، دفعت الناخبين إلى تحديد مواقفهم منذ عدة أشهر، تجاه المشاركة فى الانتخابات أو المقاطعة، ولمن سيعطون أصواتهم، أى أن هناك من قرر انتخاب السيسى قبل أن يعلن الرجل نيته للترشح!! وهناك من قرر انتخاب حمدين، وهناك المقاطعون، وتبقى نسبة ضئيلة من الناخبين متأرجحة بين المقاطعة والمشاركة وبين اختيار حمدين أو السيسى.
ولا تعنى الفرضية السابقة إلغاء الحملات الدعائية للسيسى وحمدين أو التوقف عن التغطية الإعلامية وإنما تعنى عدة أمور أهمها: أولا: أن تحرص حملتا السيسى وحمدين على ترشيد أدائهما والارتقاء به لمصلحة الوطن وعملية التحول الديمقراطى، من ثم لا داعى للتوسع فى الإنفاق على الدعاية فى ظل ظروفنا الاقتصادية الصعبة، فالناخبون يعرفون حمدين والسيسى جيدا، وبالتالى من الأفضل عدم إنفاق العشرين مليونا المخصصة لكل مرشح، والتبرع مثلا لأعمال خيرية، ولا داعى أيضا للوقوع فى براثن الإساءة للمرشح المنافس أو تشويه صورته، وأتمنى أن تركز الحملتان كل بطريقتها على تشجيع الناخبين على الاقتراع لأن المقاطعة لا تصب فى مصلحة السيسى أو حمدين وتخدم دعاية الإخوان وخطاب العنف والإرهاب.
ثانيا: أن تركز كل حملة على الحفاظ على أنصارها وتعزيز مواقفها، فمن الصعب تغيير مواقف الناخبين التى تحددت منذ عدة أشهر، وهنا تبرز أهمية العمل بين الناس، وبناء صور إيجابية لكل مرشح لأن أغلبية الجماهير تحب وتكره، تنتخب أو تقاطع الانتخابات اعتمادا على صور نمطية بالدرجة الأولى، أى أن البرامج الانتخابية أو الظهور المؤثر للمرشح لا تحسم اختيارات الناخبين.
ثالثا: أن يؤكد الإعلام العام والخاص فعليا على حق الجمهور فى معرفة أخبار المرشحين وأفكارهما بشكل محايد ومتوازن ومنصف، وهى أهداف أخشى أن يفشل النظام الإعلامى الحالى فى تحقيقها فى ظل استمرار فوضى الإعلام وهيمنة رجال الأعمال وعدم وجود هيئات أو منظمات تشرف على أداء الإعلام فضلا على غياب مواثيق الشرف الإعلامى ونقابات مستقلة للعاملين فى الإذاعة والتليفزيون. وبحسب معلوماتى فهناك فرق بحثية وباحثون أفراد سيقدمون دراسات عن اتجاهات التحيز ودوافعه تعتمد على مؤشرات كمية وكيفية، لكن للأسف لن تظهر هذه الدراسات إلا بعد انتهاء الانتخابات.
رابعا: سعى الإعلام العام والخاص لإدارة نقاش موضوعى متوازن للبرنامج الانتخابى لكل مرشح، لكن المشكلة أنه لم تظهر حتى اليوم مناقشة بالمعنى العلمى أو السياسى وإنما أغرقنا الإعلام فى بحر الاستقطاب والدعاية الفجة والمبالغات التى قدمها جيش من الوجوه المعروفة إعلاميا بمواقفها مع أو ضد السيسى وحمدين، تحدث هؤلاء فى كل شىء ولم يتحدثوا عن شىء محدد له معنى، أو يمكن أن يرتفع بمستوى النقاش والوعى العام لأن معظمهم لهم مواقف مسبقة، وبالتالى لم يقدموا تحليلا موضوعيا متوازنا وإنما قدموا تفسيرات ذاتية وتأويلات لا سند لها، كل بحسب موقفه من السيسى أو حمدين، فمن يؤيد الأول بالغ فى مدح أفكاره وطريق كلامه وظهوره الإعلامى، والتقليل من أهمية برنامج حمدين وتحركاته الانتخابية، وفى المقابل فإن أنصار حمدين ارتكبوا أخطاء التفسير والتأويل لصالح مرشحهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة