وليأذن لى المشير السيسى أن أصف حواراته بالفارقة، ليس لسبب إلا لأنها من القلب إلى القلب لا ينقصها صراحة أو مباشرة، لا ينقصها صدق أو مواجهة، وهذه كلها على أى حال هى شخصية المشير السيسى الذى عرفناه رجلا بكل ما تحمل الكلمة من عمق وقدوة وقدرة على استيعاب الجميع والتأنى فى احتمال مشاكلهم، والرجل يلخص فى كيانه كل جذور المصرية، العراقة والشهامة والكبرياء، أما عن حوارات الرجل سواء مع الإعلاميين أو مع الزميلين العزيزين لميس الحديدى وإبراهيم عيسى فالحديث عنها يطول، لكننى أقطف منها بعض الزهور التى من شأنها أن تثمر فى المستقبل، وأن تأتى بنتائجها على أفضل شكل ومضمون، توقفت عند سؤال مهم هو: ما هى أول دولة سيزورها السيسى فى حال نجاحه بإذن الله تعالى؟ وقد أجاب الرجل بحسم ودون انتظار هى دولة السعودية الشقيقة، والحقيقة أنه أصاب، لأن السعودية أول من طمأن مصر وشعبها، وكان جلالة الملك عبدالله عاهل المملكة السعودية قد أصدر أمرا ملكيا بمساعدة مصر وأهلها وإمدادها بكل ما تحتاجه البلاد، وهذه هى أسمى معانى الأخوة والتآخى ومثلما فعلت السعودية فعلت دولة الإمارات العربية والكويت والبحرين والأردن.. وغيرها، والمشير السيسى يعرف قدر هذه الدول الشقيقة التى ليس جديدا عليها هذه المواقف.. ولكن ما قدمه هؤلاء لمصر هو علامة منحوتة فى أشرف صفحات تسجل تاريخنا العربى المشرف.. وحين تحدث المشير السيسى عن همومنا الداخلية فإنه كان يتكلم عن أزمات يحياها مع أبناء وطنه تكلم عن أزمة الكهرباء، وكيف يمكننا ألا نحلها فقط بل نوفر الطاقات اللازمة لذلك، لكى تكون ذخيرة لنا وللأجيال. وقد بذل فى هذا الشأن وزير البترول المهندس شريف إسماعيل جهدا كبيرا فى توفير البترول اللازم والكافى لحل أزمة الكهرباء حتى لا تترك لنا أزمات أخرى، والحق يقال إن المهندس شريف إسماعيل وزير البترول طاقة إنسانية فعالة لا يترك مجالا للعمل إلا ويطرقه وقد ادخر كل خبرته فى حل أزمة الطاقة بأسلوب علمى نادر.. أما المشير السيسى فهو يستثمر الطاقات الموجهة لمصر فى وعى بأن السنوات القادمة تحتاج منا الالتزام والعمل الجاد وليس الاعتماد على تراثنا وميراثنا. تحدث المشير السيسى عن التعليم وتطويره والصحة وأزماتها المتتابعة.. وعن الأخلاق والقانون وحسنا أنه أكد على الأخلاق فهذه وحدها هى الضمانة الأعلى والأسمى لكى نكون وطناً سليماً المشير السيسى الذى أرسله الله سبحانه وتعالى لنا رجل بسيط شديد التواضع والهدوء لا ينفعل إلا حينما يمس أحد كرامة مصر، وحين استمع إلى كلمة يسقط حكم العسكر التى رددها بعض الجبناء بغير ضمير قال بغضب: عيب هذا خط أحمر، فالرجل الذى تربى فى أحضان القوات المسلحة لمدة خمسة وأربعين عاما عرف معنى العسكرية التى هى حجر الزاوية للوطن وللمستقبل وما لم يقله المشير السيسى أنه نشأ فى عمق القاهرة القديمة، حيث تحيطه الآثار الإسلامية، وكان يذهب فى شبابه المبكر مع رفاقه بعد صلاة العصر إلى مسجد الحسين وجامع العدوى للاستماع إلى محاضرات الشيخ محمد متولى الشعراوى نشأ المشير السيسى فى عطفة البرقوقية من شارع الخرنفش الواقع على جنبات شارع المعز لدين الله الفاطمى بالحى الأثرى الجمالية، وعلى بعد أمتار من مسكن عائلة السيسى يقع العقار رقم 3 فى حارة خميس العدسى الذى سكن فى الطابق الثانى منه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لمدة ثلاث سنوات فى المرحلة الابتدائية حين أقام لدى عمه خليل حسين عام 1925، المشير السيسى الذى خرج من عمق القاهرة نترقبه اليوم لكى يمسك بزمام الوطن الكبير ويعيد مصر لتكون كما هى فى مخيلته ليست أم الدنيا فحسب بل قد الدنيا، «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».