فى تقليد دبلوماسى احترافى يرقى إلى الدبلوماسيات العريقة فى الدول المتقدمة، وفى سلوك غير معتاد عليه فى مصر فى الانتخابات الرئاسية، قام وزير الخارجية نبيل فهمى فى خطوة يستحق التحية والإشادة عليها بتسليم ممثلى حملة المشير عبدالفتاح السيسى وحملة حمدين صباحى المرشحين للرئاسة مذكرة أعدتها الوزارة حول أهم توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 30 يونيو، وأبرز التحديات القائمة والبدائل المطروحة لمواجهتها، فضلا عن بيان بما تم إنجازه منذ الثورة وحتى الآن فيما يتعلق بإعادة التوازن للسياسة الخارجية المصرية دوليًّا واستعادة القاهرة دورها الاستراتيجى فى محيطها العربى والأفريقى.
هذا التقليد يعنى أننا أمام تغير حقيقى فى التعامل مع من يتنافس على منصب رئيس الجمهورية الذى قد يصبح بعد أقل من شهر رئيسا لمصر ومسؤولا عن كل الملفات الداخلية والخارجية، وبالتالى عليه أن يطلع على الخطوط العريضة لملفات الأمن القومى المصرى خلال المرحلة المقبلة وإدارك ذلك خلال جولاته الانتخابية وتصريحاته وحواراته الإعلامية. هذا التقليد معمول به فى الدول الديمقراطية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ومصر فى طريقها لتأسيس ديمقراطيتها الحديثة ولا تقل بحضارتها وثقافتها عن تلك الدول، وهذا السلوك قد يشجع باقى الوزارات والمؤسسات وخاصة السيادية منها فى الدولة على اتباع نفس النهج، فالدعوة مفتوحة لوزارات الداخلية والإعلام والأجهزة والوزارات السيادية الأخرى بتقديم الخطوط العريضة لملفاتها وأولوياتها خلال المرحلة المقبلة، لأن ذلك يحقق أمرين، الأول إرساء تقليد سياسى جديد فى مصر فى خطوة الديمقراطية الحديثة الأولى وجعله تقليدا دائما بعد أن زالت دولة الرئيس الأوحد والأجهزة التابعة له والتى تعمل فى خدمته، الثانى اختزال الوقت للرئيس المنتخب القادم حتى يكون مستعدا ومطلعا على كل ملفات الرئاسة الضرورية.
وللإنصاف هذه الخطوة تضاف إلى الخطوات الدبلوماسية النوعية التى قامت بها وزارة الخارجية والوزير نبيل فهمى بعد ثورة 30 يونيو لاستعادة الدور المصرى وتوضيح الصورة الحقيقية لإرادة الشعب المصرى فى تقرير مصيره، وكانت- ومازالت- أهم هذه الخطوات الزيارات المتكررة للقارة السمراء التى أسفرت بالفعل عن العودة القريبة لمصر إلى الاتحاد الأفريقى. تحية لوزارة الخارجية على هذه الخطوة الاحترافية غير المسبوقة.