هل كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى حاجة إلى برنامج انتخابى ملىء بالوعود والأمانى والشعارات البراقة ليخاطب عاطفة الشعب لاختياره رئيسا للجمهورية؟
وهل كان يحتاج الى الخروج على الشعب ومخاطبته للاستفتاء عليه لفترة رئاسية ثانية فى عام 65، وهو الرجل الذى انتصر فى معركة بناء السد العالى وحقق أول وأنجح خطة خمسية فى تاريخ مصر «1959-1964» حققت بفضلها نسبة نمو %7، تفوقا على كوريا الجنوبية فى ذلك الوقت، ونجحت فى بناء مئات المصانع والشركات والمساكن؟ وهل كان مضطرا لمخاطبة الشعب المصرى وهو قائده وملهمه وزعيمه الذى التف حوله وأيده وناصره فى كل مواقفه ومعاركه فى البناء والتنمية؟
رغم كل ما حققه وأنجزه خرج عبدالناصر فى مارس 65 وقبل الاستفتاء على رئاسة الجمهورية بخطاب يعكس قيمة ومعنى الزعيم الحقيقى فى مخاطبة الناس وعدم السقوط فى مأزق الغرور، فجاء خطابه أو ملخص برنامجه الانتخابى واقعيا خاليا من الوعود والأحلام رغم ما تحقق منها.
فماذا قال عبدالناصر؟
تعالوا نقرأ ما قاله بالنص.. «أيها الإخوة لست أرضى لنفسى ولا لكم أن أقف أمامكم أقول لكم أعطونى أصواتكم وسوف أصنع كذا وكذا، ثم أسرد على مسمع منكم الأحلام والمنى.. حرصت على الوقوف أمامكم لأقول لكم بكل أمانة وإخلاص إننى لا أملك ولا أقدر على أن أحقق لكم عالم الأحلام والمنى.. إننى أجىء إليكم وليس معى وعود براقة وإنما أجىء إليكم ومعى خطط عمل مضنية، وليس فى جيبى هدايا أعرضها عليكم، وإنما أعرض عليكم مسؤولية ضخمة وشاقة أريد أن أضعها على أكتافكم.. لم أجئ لأعطيكم، وإنما جئت لأطلب منكم».
هذه كانت كلمات عبدالناصر، أمير الفقراء وناصرهم، وهذا كان برنامجه الانتخابى، الذى نسترجع كلماته ومفرداته الآن ونحن نعيش أجواء انتخابات رئاسية ونستمع ونشاهد ونقرأ حوارات وخطابات المتنافسين على الرئاسة، ولست فى مجال المقارنة هنا، لأنه لا مجال لها الآن والنتيجة بالطبع محسومة، ولكن للتذكير بأن الأمم والأوطان فى لحظات تاريخية معينة لا تبنى بالشعارات والوعود التى لا جذور لها فى الأرض وإنما بالعمل الشاق والجهد والعرق.