عندما اندلعت ثورة 25 يناير، وأحدثت ما أحدثت من زخم كبير، قرر عدد من الشباب من الذين يطلقون على أنفسهم شباب الثورة، تأسيس اتحاد ملاك فيما بينهم، ومنحوا أنفسهم الحق الحصرى للتحدث باسمها، والدفاع عنها، وتحويلها إلى «فرخة» تبيض ذهبًا لهم، من عينة الجلوس فى استوديوهات القنوات الفضائية، وأمام كاميرات الصحف، وكتابة مقالات «ركيكة ومبتذلة» فى الصحف، ويتلقون دعوات السفر لحضور المؤتمرات فى فنادق ومنتجعات أوروبا.
هؤلاء تعاطوا لذة الشهرة «الزائفة» والجلوس فى قصور الحكم، إلى درجة الإدمان، ومن ثم رأوا فى الثورة وشعاراتها واستمرارها هذا الجانب فقط الذى يحقق لهم التواجد الدائم أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحف، والجلوس مع كبار المسؤولين، دون التفكير فى مصير البلاد، وسقوطها وانهيارها، ومعاناة 90 مليون مصرى من الفوضى والجوع.
هؤلاء وبعد ثورة 30 يونيو، واستفاقة الغالبية الكاسحة من الشعب المصرى من غيبوبة الانبهار بالشعارات المدهشة، والتنظير السياسى المنمق والمبهرج، البعيد عن الواقع، لم يرضخوا للأمر الواقع، والتغيير الجذرى فى المفاهيم، وأن الشعب أصابه القرف واليأس والإحباط من تجار الكلام، دون أفعال أو تغيير ملموس على الأرض، فقرروا أن يؤسسوا «حائط مبكى»، يندبون حظهم ويتباكون على شعاراتهم.
حائط المبكى الذى اتخذه اتحاد ملاك وكهنة ثورة يناير، يبكون عنده ويلطمون ويلعنون، ويقاطعون كل استحقاق انتخابى عبر الصندوق، فحركة 6 إبريل، وأعضاؤها المصابون بمرض «التثور اللاإرادى» فى منامهم ويقظتهم، قرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ومن قبلها مقاطعة الاستفتاء على الدستور، والسؤال: هل شاركتم فى الثورة من أجل مقاطعة الانتخابات، وجميع الاستحقاقات الدستورية؟!
شباب حائط المبكى، لا دستور لهم إلا الثرثرة، وتدشين الكراهية ضد مؤسسات الدولة، والمتاجرة بدماء الشهداء والمصابين، والعويل على أن الثورة استرقت، ولا مانع مطلقًا أن يضعوا أيديهم فى أيدى الجماعات الإرهابية والتكفيرية، ويضعون كل من ينادى بإسقاط الدولة فى منزلة عالية من الوطنية، ويُنزلون اللعنات على كل من يقف أمام المخططات الهادفة لتمزيق أواصل الدولة.