وزير الخارجية كرر خطأ أمين عثمان فى الأربعينيات وأكد على شرعية الزواج المصرى الأمريكى والمتحدث الرسمى للوزارة اتهم المترجمين بالتحريف وفاجأ الجميع بأن الوزير قال علاقة مثل الزواج
(1)
وفى هذه الليلة المباركة، ليلة الزواج السعيد، تجتمع كل فئات الشعب لتقديم أجمل التهانى إلى السيد نبيل فهمى وزير الخارجية المصرية، قائلين كما قال الأولون كل حسب ثقافته ومنطقته:
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير ومعونة ومساعدات
- بالرفاء والبنين ووقاكم الله شر الحاسدين من الروس والإيرانيين
-ربنا يتمملكم بخير ويملأ عليكم البيت الأبيض أو قصر الاتحادية بالبنين والبنات
- ادبح لها القطة تاخد منها أحلى سلاح.
- كن لها يدا فى الشرق الأوسط تكن لك جيباً ممتلئا بالمعونات.
(2)
نبيل فهمى يعرف أكثر.. هو الوزير ابن الحكومة، المطلع على كل الملفات الرسمية، وبما أن الورق ورق الحكومة، والحكومة أدرى بسجلات الزواج والطلاق التى تملأ محاكمها ووزاراتها، إذن حينما يخبرك أحد رجالها الرسميين أن العلاقة بين مصر وأمريكا زواج شرعى، فلا تسأل ولا تشكك ولا تفعل مثل أحمد عز وتطلب إظهار وثيقة الزواج الرسمية.
على عكس عز الذى تهرب من زينة، والفيشاوى الذى تهرب من هند الحناوى، وسعد الصغير الذى انكر زواجه من شمس الرقاصة، وقف نبيل فهمى وزير الخارجية شامخاً، وأعلن بكل وضوح أن العلاقة بين مصر وأمريكا زواج شرعى وليست نزوة، قالها بإنجليزية سليمة لا لبس فيها ولا غموض، ولا مترجم وسيط تعلم اللغة الإنجليزية فى مدارس الحكومة: «s Like A Marriage. It>s Not A Fling>»
مبروك ياسيادة الوزير، كشفت الغمة وأنزلت السكينة فى صدور عشرات الآلاف من المواطنين الذين أكلهم الشك، وأصابتهم الشائعات بالقلق بسبب مابدر من تصرفات مضطربة بين أمريكا ومصر منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتى الآن.
مبارك ما أعلنته ياسيادة الوزير لتقطع ألسنة الذين أشاعوا الفاحشة فى الأرض وقذفوا مصر المحصنة فى عرضها بالحديث عن علاقة غير شرعية تجمعها بالولايات المتحدة، ومن قبلهم أخرست ألسنة وسائل الإعلام المغرضة التى أشارت إلى مودة قريبة قد تجمع مصر بروسيا أو الصين.
هنيئا لنا بإعلانك زواجا دام لسنوات فى السر، لتعلم كل سكرتيرة تورطت مع مديرها فى زواج غير علنى أن الأمل قائم، وليعلم كل هارب من دفع معونة أو نفقة مستحقة أن إعلانا على الملأ كاف لإحراجه أمام العالم أجمع.
(3)
نبيل فهمى يعرف أكثر، مثقف حويط، عالم بقوانين الأرض التى يوجه خطابه من فوقها إلى عقول الناس..
كان يمكنه كأى جاهل أن يقف على أرض القاهرة ليعلن زواج مصر من أمريكا، ولكنه لم يفعل، نبيل فهمى مثقف ويعلم تماماً أن القوانين المصرية لا تسمح بمثل هذه الزيجات الشاذة، بينما الإعلان عن هذا الزواج فى واشنطن أو نيويورك طبيعى، ويتناسب مع قوانين الولايتين بعد انضمامهما إلى قائمة الولايات الأمريكية التى تسمح بزواج المثليين.
(4)
فى أوائل الأربعينيات قال أمين عثمان وزير المالية المصرى فى ذلك الوقت أن «العلاقة بين مصر وبريطانيا زواج كاثوليكى لا طلاق فيه»، لفظة الوزير انفجرت فى صدور المصريين كقنبلة إهانة تجمع على أثرها مجموعة من الشباب وقرروا اغتيال أمين عثمان وفعلوها فى 6 يناير 1946
أحدهم فى وزارة الخارجية المصرية، يتذكر هذه الواقعة جيدا، خاف على الوزير من غضب تصريحه وتطور الأمر إلى اغتيال معنوى أو حقيقى على طريقة أمين عثمان، وقرر أن يخرج لكى يوضح حقيقة تصريحات الزواج من أمريكا أمام العالم..
المتحدث الرسمى باسم الوزارة قال إن ذلك لم يحدث، وخرج للعالم ينفى أن يكون الوزير قال مثل هذه التصريحات حول علاقة مصر بأمريكا، وأن الترجمة كانت غير صحيحة.. إذن ماذا قال السيد الوزير؟ أخبرنا وأزل القهر من قلوبنا، بارك الله فى عمرك ياسيادة المتحدث؟
وعلى طريقة سكت دهرا وتحدث كفرا، نطق سيادة المتحدث السفير بدر عبدالعاطى قائلاً: «لم يذكر الوزير أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة هى علاقة زواج، وإنما ما ذكره هو أنه بخلاف العلاقات العابرة بين الدول فإن العلاقات المصرية - الأمريكية هى علاقات ممتدة على مدى طويل ومتشعبة ومثل الزواج تحتاج لكثير من الجهد والمتابعة».
الحمد لله.. ليست علاقة زواج شرعى، بل هى علاقة تشبه الزواج، وهكذا ياسادة نعود للحيرة مرة أخرى بين وزير يؤكد بالإنجليزية أنها ليست نزوة بل زواج شرعى، ومتحدث باسم وزارة هذا الوزير، يؤكد أنها ليست زواجا شرعيا بل علاقة تشبه الزواج..
ومن هذه الحيرة تستخلص المستوى المهارى العالى للمصرى القديم الذى اخترع الحكمة الرائعة «جه يكحلها عماها» وكأنه اخترعها مخصوص لمثل تلك المواقف التى يرتكبها المتحدثون باسم الوزراء والمؤسسات الرسمية فى مصر.
(5)
الوزير نبيل فهمى لم يقل سوى الحقيقة، لماذا نحاسبه إذن؟ ألا نطلب من الحكومة الشفافية والصراحة ؟، ثم إن الرجل يدافع عن سمعة مصر بتوضيح حقيقة علاقة، التبس أمر تفسيرها على الكثيرين، ما نحتاجه فعلاً هو دراسة ردود الفعل التى استنكرت الغضب من تصريحات وزير الخارجية..
هؤلاء الذين دافعوا عن نبيل فهمى وبادروا بالتأكيد على أن الوزير لم يقل مايستحق كل هذه الضجة، هم أنفسهم أصحاب الأصوات التى اتهمت باسم يوسف بقلة الأدب والإساءة لسمعة مصر بسبب شخصية جماهير، وقالوا كيف يجعل من مصر سيدة تبحث عن أزواج، ومع ذلك لم يغضب أحدهم من الوزير الذى جعل من مصر زوجة شرعية لدولة نتهمها نحن فى القاهرة بأنها تدعم الإخوان وتقود مؤامرة على السيسى والنهضة المصرية المتوقعة.
(6)
سيادة الوزير عد إلى كتب التاريخ ولوائح الدولة لتكتشف الآتى: تحركات الخاطبة لا تدخل ضمن اختصاصاتك الوظيفية، ومصر أكبر من أن تكون «جارية» أو «عانس» تم تعيينك وزيراً للستر عليها.