من يتأمل لحظات السكوت التى تنتاب المشير عبدالفتاح السيسى فى أثناء حواره مع خالد صلاح ولبنى عسل ووائل الأبراشى.. أقول من يتأمل هذه اللحظات.. يتيقن أن الرجل يملك من الحصافة الاجتماعية الكثير، وأنه يعى خطورة المنصب الذى ينتظره إذا تحقق له الفوز، وأنه يدرك تمامًا أن كلامه مرصود وتصريحاته على المحك.
يسأله خالد عن مرسى وردود أفعاله خلال لقاءاتهما قبل أن يثور الشعب ضد الإخوان.. ويطالبه وائل بالكشف عن مشاعره وهل خشى الاعتقال.. وتلح لبنى فى أن يفصح عما كان يجرى فى الكواليس. يتلقى المشير الأسئلة.. ينصت.. يضبط إيقاع روحه.. يتذكر بؤس الحكم الذى كان.. يبتسم باقتصاد.. يزن كلامه فى عقله قبل أن يبوح.. يعلم أن الذى يتحدث عنه محبوس على ذمة قضايا ما زالت منظورة.. هنا يستعيد المشير أنبل ما فى المصريين من سلوكيات وهو ألا يتحدث بشكل غير لائق عن أحد فى محنة.. حتى لو كانت السياسات الطائشة لهذا «الأحد» هى التى أودت به إلى هذه المحنة!
شىء ما فى حديث المشير مع الثلاثى الإعلامى المتألق يجعل الناس تصدقه.. شىء ما خفى.. خبىء تحت عشب الروح أو فى حديقة القلب.. شىء ما ينهض على الحاسة السادسة التى تمسك بخيوطها الشعوب فى اللحظات الفارقة.. قد لا توافق على بعض تصورات المشير حول العمل السياسى وكيفية النهوض بالعمل الحزبى.. قد تعترض على بعض اقتراحاته بخصوص إدارة ملف الاقتصاد.. لكنك ستحترم حقا فضيلة الإخلاص التى ترن فى نبراته.. وستؤيده حين يؤكد أن خلاص مصر يكمن فى الخروج من الوادى الضيق.. وستتأمل الخريطة الجديدة للوطن التى يبشر بها المشير فتهز رأسك اقتناعاً وإعجاباً.
المدهش أن منافسه السيد حمدين صباحى لا يقل عنه إخلاصاً وصدقاً للشعب وثورتيه، وهى مفارقة نادرة فى تاريخنا السياسى، إذ حظيت مصر باثنين من عشاقها يتنافسان على الظفر بالمنصب الأرفع، الأمر الذى يدفعنا إلى الاعتقاد بأن مستقبلنا أكثر إشراقا، وأحلامنا قادرة على التحقق.
من فضلك.. تأمل سكتات المشير وانظر فى عينيه جيداً.. لأنك ستتعلم الكثير.