يراهن التنظيم الدولى للإخوان ومعه بعض نشطاء الحركات المحظورة وغيرهم ممن ينتمون لمشارب متباينة لا يجمعها سوى مناوءة المسار السياسى، على أن تصعيد أعمال العنف بمصر ستدفع الناس للإحجام عن المشاركة السياسية، ويسعون لتسويق هذا المفهوم عبر شركات العلاقات العامة الدولية التى تعاقد معها الإخوان فى أوروبا وأمريكا، بالإضافة للدعم الإعلامى والتمويل القطرى، وبينما يصور الإخوان أنفسهم للغرب باعتبارهم «منظمة ديمقراطية»، لكن شهادات المنشقين عنها الذين تحدثوا باستفاضة عن الهياكل الهرمية الصارمة التى تعتمد على الخضوع والولاء المطلق لقيادة التنظيم، تؤكد أن حديث الديمقراطية مجرد «بروباجندا» وأكاذيب.
قبل سنوات، عرفت شابًا ينتمى لأسرة ميسورة، وحينها طالبنى والده الذى كان يشغل منصبًا رفيعًا بمساعدته بمناقشة ابنه الذى انخرط بصفوف الإخوان لاعتبارات علاقتى الطيبة بالأسرة وتخصصى فى تنظيمات «الإسلام السياسى» وبالفعل ناقشت الشاب بعيدًا عن والده كثيرًا، ووصلنا دائمًا للطريق المسدود، فقد كان شديد التعصب للإخوان، ورغم الظروف المعيشية المتميزة التى يعيشها الشاب، فقد نجحت الجماعة فى استقطابه لصفوفها، وإقناعه بأنهم يجسدون «صحيح الإسلام» والوسطية، ويشكلون نواة لإعادة «دولة الخلافة» كما يردد منظرو الجماعة.
تحدثت حينها لوالده مُطالبًا إياه بمراقبة تصرفاته حتى لا يتورط بعمليات حركية والتوقف عن مناقشته ليخوض التجربة للنهاية، فالشاب الذى كان يدرس حينها بجامعة أجنبية، هو الابن الوحيد للمسؤول الكبير، الذى كان عصبيًا يصرخ بوجه ابنه مهدداً بالتوقف عن الإنفاق عليه، لكننى اعترضت على انفعالات الوالد وطالبته بالتحلى بالصبر والرقابة غير المباشرة، فطريقته الحادة ستزيد الشاب معاندة، فالأمر يشبه «الأنفلونزا» التى لم يتوصل الطب رغم تقدمه لعلاجها لكنها تأخذ دورتها، وسط عوامل مساعدة لتقوية «الجهاز المناعى» الكفيل بالتصدى للفيروس اللعين.
خلال الأيام الماضية فوجئت بالشاب يهاتفنى طالبًا مقابلتى، والتقينا وراح يحدثنى بمزيج من الخجل والشعور بالذنب عن الهيكل التنظيمى للجماعة وسياسة الخنوع بصفوفها، لدرجة أن الكثيرين ممن كان يحترمهم ويعتبرهم «قدوة صالحة» يكذبون ويتحدثون بمجالسهم التنظيمية المغلقة بلغة مناقضة لخطابهم المُعلن للناس، وروى تعرضه لما وصفه بـ«جلسة توبيخ» تشبه المحاكمة بتهمة «الجدل وعدم انضباطه التنظيمى» واختتم قائلا: إنهم يرفضون أن يفكر أنصارهم باستقلالية ومناقشة تعليمات قادة الجماعة الهرمية ذات «السمات الماسونية»، التى تتبنى مبدأ «العلم بقدر الحاجة».
كان الشاب قد أنهى دراسته والتحق بمؤسسة يملكها خيرت الشاطر، رغم اعتراض أسرته، وبدأت محاصرته لتزويجه إحدى فتيات الجماعة، لكنه كان يراجع ذاته، وتحدث عن آليات التنظيم التى تحدد صاحب القول الفصل بكل القرارات، فلكل قيادى بالجماعة أتباعه، وعندما يشم هؤلاء رغبة قائدهم باتخاذ «موقف ما» فإنهم يتنافسون لتبنيه وتبريره، الأمر الذى شعر معه الشاب بأنه ينتمى لعصابة وليس لتنظيم يزعم الديمقراطية، حسب تعبيره حرفيًا، واكتفيت بابتسامة قائلاً: «حمد الله على السلامة».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
fayez
ما اجمل تعبيرك
وانا ايضا اقول له حمدالله على السلامه
عدد الردود 0
بواسطة:
د يحيى حسن
حمدا لله على سلامة مصر