لى مع أستاذنا الكبير سعد هجرس الذى رحل عن عالمنا أمس الأول قصة طريفة، بدأت منذ ترشحه لانتخابات مجلس نقابة الصحفيين عام 2007، والتى لم يحالفه الحظ فيها، وبعد ظهور النتيجة، كتبت مقالا فى الزميلة «المصرى اليوم» عن الذين لم يحالفهم الحظ وقتها، وهم «سعد هجرس، وسامح فوزى، وأحمد السيد النجار، وأسامة داود»، وقلت عن سعد هجرس: «خاض المعركة بتراث مهنى وسياسى يؤهله لأن يكون عنصرا فاعلا فى مجلس تتنوع فيه التيارات السياسية، التى هى حصن أمان للنقابة، وليست وسيلة هدم كما يروج البعض، كان يمكن لـ«هجرس» أن يكون عنصر توازن، يحفظ للأداء النقابى سيولته دون تشنج، وهيبته دون الوقوع فى الصغائر، والتحليق فى فضاء الغيبيات التى يمثلها البعض من أعضاء المجلس الحالى».
لم أكن أعرف الراحل الكبير معرفة شخصية وقتها، ورغم ذلك كنت أدعو بالتصويت له فى هذه الانتخابات، وبعد كتابة مقالى تلقيت اتصالا كريما ورقيقا منه شاكرا ما ذكرته عنه، ثم التقينا بعدها أكثر من مرة، حتى جاءت أول مناسبة لعيد الفصح بعد تعارفنا، وكعادتى اتصل بأصدقائى ومعارفى المسيحيين للتهنئة، وإذا بى أتصل به مهنئا بـ«العيد» وهو المسلم، لكنى قلت له: «على فكرة يا أستاذ، أنا دايما أشوفك «مسلم ومسيحى» فى وقت واحد، وأنا قررت اتصل فى المناسبة دى بالرموز الوطنية الكبيرة اللى بشوفها كده، لأنها تبذل جهدها، وتسخر قلمها من أجل محاربة الفتنة الطائفية التى تكاد تأكلنا»، ضحك قائلا: «حلوة يا سعيد الحكاية دى، بس المهم إن نستمر دون يأس، وبعدين إيه رأيك بقى أنا هستنى مكالمتك دى كل عيد للمسيحيين؟»، وبالفعل استمرت هذه العادة، وكان هو يبادر بها أحيانا قبلى، وتكون مناسبة لتبادل الآراء والاستفادة منه كأستاذ كبير.
قبل ثورة 30 يونيو، وأثناء استقبال «ميدان التحرير» للمتظاهرين ضد حكم مرسى والإخوان كل جمعة، جاء لقاؤنا فى «جمعة» منها ومعى الصديق ياسر الزيات فى مقهى «ريش»، وأثناء ذلك كانت مجموعة «حازمون» تحاصر مدينة الانتاج الإعلامى، وذلك حسب خطة «الإخوان» فى توزيع الأدوار ضد القوى المعارضة لها، كنا نتابع نقل بعض الفضائيات لما يحدث أمام مدينة الإنتاج، فسألنا عن رأينا، وتوقعاتنا لما هو قادم، وهل سيبقى حال البلد على هذا النحو؟
تحدثنا كثيرا وأدلينا بدلونا، وكان هو يستمع باهتمام، ويطرح رؤيته العميقة.
وكان وقتها يحل ضيفا يوميا على قناة «روتانا مصرية» التى جعلته وجها مطروحا على بيوت مشاهدى البرنامج، ويوما بعد يوم كانت وجهات نظره العميقة والرصينة فى طرحها بهدوء محبب، تساهم فى بناء الوعى، أذكر منها تأكيده مثلا على أنه كيسارى سجن فى عهد عبدالناصر، إلا أنه خرج من السجن لا يحمل له ضغينة أو ثأرا، لأنه يرى فيه زعيما وطنيا، وما حدث معه يمكن اعتباره محنة شخصية لا تلغى عقله أبدا فى تقييم جمال عبد الناصر كزعيم وطنى كبير، كان يوجه هذا الكلام كدرس يتمنى أن تستفيد منه جماعة الإخوان، لكنها بالطبع لا تستفيد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامه المصرى
سعد هجرس رجل مصرى أصيل وله روح الوطنيه التى يتميز بها