قضى الأمر وانفض مولد الانتخابات الرئاسية بما له وما عليه، وحقق المشير عبدالفتاح السيسى نصرًا مبينا كما توقع الملايين، فقد حصل على 23 مليونا و246 ألفا و306 أصوات من إجمالى 25 مليونا و21 ألفا و378 ناخبًا شاركوا بالتصويت فى هذه الانتخابات وفقا لما نشره موقع اليوم السابع أمس، أما السيد حمدين صباحى فكان نصيبه 734 ألفا و300 صوت وفقا للمصدر نفسه.
أى أن السيسى حصل على نحو %93 من أصوات الذين تحملوا مشقة الذهاب فى القيظ الشديد والوقوف فى الطوابير الطويلة، الأمر الذى يلقى على عاتقه مسؤولية ضخمة ليفى بما وعد الناس به، لكن الأهم أن الذين رفضوا المشاركة فى هذه الانتخابات من الأصل يقترب عددهم من ثلاثين مليون وهو رقم ينبغى التنبه له جيدًا حتى نستطيع تقليص العدد فى المرات القادمة.
الأحلام التى ينتظرها الناس من الرئيس عبدالفتاح السيسى ضخمة وكبيرة ومعهم حق، فعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم، والملايين من الشعب باتت سجينة الهموم والعوز – بتعبير المشير نفسه – من جراء سياسات فاسدة أقرتها أنظمة بائسة فى العقود الأخيرة، فكيف سيحقق الرئيس أحلام المصريين التى هى أحلامه أيضا؟
كل من مرّ على كتب التاريخ وتصفحها بتركيز يدرك تمامًا أن سر نجاح الحاكم يكمن فى حاشيته ورجاله الذين يختارهم بمحض إرادته ليعاونوه فى تسيير شؤون الحكم، وقد رأينا كيف أحاط مبارك نفسه بمجموعة من الرجال المشبوهين، وشاهدنا محمد مرسى يحوّل قصر الرئاسة إلى حانوت صغير ينحشر فيه أتباعه من المتخلفين عملاء القرن الثامن عشر الذى حاولوا السطو على القرن الحادى والعشرين، فأسهم أولئك وهؤلاء فى ازدياد معدل الكراهية ضد مبارك ومرسى حتى أسقطهما الشعب وتخلص من بطشهما.
الآن وفى هذه اللحظات التاريخية الحرجة.. كيف سيختار الرئيس الجديد رجاله الذين سيكونون أقرب إليه من حبل الوريد؟ وما هى المعايير التى على أساسها سيحدد المواقع التى سيديرونها؟ إن عملية الاختيار هذه تعد أحد المفاصل بالغة الأهمية لضمان النجاح فى مهمته بوصفه رئيسًا جديدًا لمصر، وليتذكر جيدًا أن رجال مبارك الذين أحاطوا به ثلاثين سنة كبيسة كانوا ضمن أهم الأسباب فى سقوطه، ورجال مرسى وجماعته أسهموا بغبائهم التاريخى فى تنفير الناس منه ومن جماعته.
إن اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسى للفريق المعاون له سيتوقف عليه مدى نجاحه فى حكم مصر، وكلى أمل أن يختار رجاله من أناس أكفاء شرفاء نشطاء، يدركون قيمة مصر وعظمة شعبها، ويعلمون أنهم السر الأكبر فى نجاح رئيسهم أو - لا قدر الله – إخفاقه!
سيادة الرئيس.. ألف مبروك.. وكان الله فى عونك.