قابلته فجر الأربعاء الماضى على المقهى السهران بباب اللوق، ضحكت، لم أكن أعرف أنه يسهر هنا فى هذا المقهى الذى لم نتعود على اللقاء فيه، جلست جواره أضحك، سألنى:
- ما الذى أتى بك هنا فى الفجر؟
قلت: اشتاقت روحى أن أقف على كوبرى قصر النيل زى زمان وأنا صغير، وصليت الفجر فى مسجد عمر مكرم وجيت، لكن إنت إيه اللى سهرك كده؟
- أنا كنت منتظر بيان حملة حمدين صباحى بعد مد فترة الانتخاب ليوم تالت.
- ياه للدرجة دى، دا إنت انغمست أوى فى لعبة الانتخابات.
- أهو قلت أشغل نفسى شوية.
- طيب والبيان قال إيه؟
- قال إنهم حيسحبوا المندوبين بتوعهم من اللجان.
- طيب ما هو دا شكل من الاحتجاج.
- بينى وبينك هو انسحاب بس مؤدب علشان الإخوان ما يشمتوش.
- طيب وإنت موافق؟
- أنا مش شاغلنى الانسحاب، أنا شاغلنى اللى حصل.
- إزاى يعنى؟
- يعنى من أول ما بدأت حملة الانتخابات بين الاتنين المرشحين والإعلام يقول لك عايزين إقبال تاريخى علشان صورة مصر فى العالم، هو العالم عايز مننا إيه غير مصلحته.
- برضه كان ممكن الناس تراعى دا شوية وتروح.
- يا حبيبى معروف إن فيه عدد كبير من الشباب مقاطع الانتخابات، أو بصورة أدق مقاطع اللى بيحصل، إنت مش فاكر الاستفتاء على الدستور مثلا.
- وهما لسه فاكرين؟
- ما هو كتير من أسباب المقاطعة دى لسه شغال.
- طيب ما لازم يكون فيه نهاية.
- نهاية؟ لسة بدرى، لكن كنت أحب تتحط الانتخابات فى موضعها الصح.
- يعنى قصدك تتم بأى نسبة حضور وخلاص.
- بالضبط، لأن مش عيب إن الناس تقاطع ولا ترفض، والرئيس الجديد يمكن لما يشوف نسبة أصواته قليلة يكون أحسن فى شغله علشان تزيد بعد كده.
- بينى وبينك أنا من رأيك برضه، والحكاية لا عيب ولا حرام، المهم تنتهى بدون فرصة للإشاعات وغيره.
- خد عندك، الإشاعات مش حتخلص، أولها ما نشرته صحف أجنبية أن مد الانتخابات بحثا عن أصوات للسيسى، والكلام مش حينتهى.
- ليه؟
- لأن الإعلام هاجم القضاء وقراراته، خاصة مسألة ربط انتخابات الوافدين بالتسجيل فى الشهر العقارى، مع إن الوافدين دول عمرهم ما راحوا انتخابات.
- لا ياشيخ، مش معقول.
- زى ما باقول لك كده، دول ناس بسيطة بتشتغل بدراعها، ومش فاضية يعنى، فيه إحصائية مثلا بتقول إنهم فى الانتخابات اللى قبل كده اللى راح منهم ما يزيدش عن ربعميت ألف مواطن، وهما أصلا سبعة تمانية مليون، كان بناقص العدد دا وبلاش الهجوم على القضاة ولجنة الانتخابات، لإن كده بقت هى السبب فى قلة الأصوات، وهى لا سبب ولا حاجة.
- علشان كده اللجنة مدت الانتخابات وقالت تخلص من النقد؟
- حتى لو مش علشان كده، فخلاص الحكاية أصبحت قدام أى مراقب علشان كده.
- وعلشان كده حمدين صباحى اعترض.
- طبعا وأى حد مكانه حيعمل كده، لأنه من البداية بيتهاجم إنه داخل تمثيلية، وهو الراجل لا داخل تمثيلية ولاحاجة.
سكت لحظات وفوجئت بالجرسون قادمًا إلينا وتبدو عليه علامات النوم، فابتسمت وسألته:
- إنت سايب الزباين ونايم؟
- أصل مسافر قنا الصبح علشان أدى صوتى.
- ياه.
- ما هم قالوا فيه غرامة 500 جنيه، والسفرية مش حتكلفنى 300، أنهو أحسن؟
- لا حول ولا قوة إلا بالله، ياجدع ما كل مرة يقولوا كده.
- يا بيه المرة دى بجد.
ضحك صديقى وقال للجرسون: اقعد هنا ماتسافرش، ماتخافش، لو حصل وحولوا الناس اللى ماراحتش الانتخابات للنيابة حتلاقى قدام النيابة، مش قدامها بالضبط طبعا، لكن فى الدرا كده، ناس واقفة تبع مستشفيات وعيادات خاصة تبيع الشهادة المرضية بـ100 جنيه، يحطوا اسمك فيها، وتاريخ الانتخابات، وإنك كنت عيان 3 أيام، ووكيل النيابة مالوش غير الورق.
قال الجرسون مندهشا: ممكن يا بيه؟
- كل حاجة فى مصر ممكن، زى الشهادات اللى بتتباع قدام المرور مثلا لو طلعت رخصة.
- خلاص يا بيه حاسمع كلامك، بس وعد لو دا ماحصلش تدفع إنت الـ 500 جنيه.
- موافق هات لنا بأه نسكافيه بالحليب نشق ريقنا.
عاد الجرسون داخلًا، صمتنا بعض الوقت ثم ضحكنا معًا، قال:
- وكم فى مصر من المضحكات، حق للبنى آدم إنه يصوت، هو حر فيه، يعاقبوه لو اتنازل عنه، ولا كأن فيه دستور.
- بأقول لك إيه، ما تسيبنا من السياسة وقوم نتمشى شوية نشم هوا قبل الناس والعربيات ما تظهر والدنيا تتلوث.
- ياعم قول قبل ما يستخدموا الفحم!
انطلقت أضحك وضحك هو وقال: أحلى حاجة إن إحنا فى العمر دا ولسه بنضحك.
وسكتنا وتمنيت ألا يعود للحديث فى السياسة، لكنه قال : السيسى لما قال إنه يتمنى نزول أربعين مليون سبب حرج للناس بتوع الإعلام، وللحكومة كمان، ورجالة حملته اللى طالبوا بمد فترة الانتخابات.
- ممكن، بس ليه؟ كله بتاع ربنا.
- والله أنا قريت تعليق بيتريق ويقول خافوا يرفدهم علشان ما نجحوش فى الحشد، طيب ما هو ممكن يرفدهم برضه علشان شوهوا صورة مصر بالإشاعات اللى حتطلع على الانتخابات.
- وبعدين إنت حترجعنى للسياسة تانى ما كنا بنضحك؟
- على رأيك، بس هل كده يبقى خلاص الانتخابات لا تشوبها شائبة؟
- مين شائبة دى؟
قلت ذلك لأعيده إلى الضحك، فقال: عارف أنا ما يهمنيش أى نقد هنا، أنا يهمنى إنهم جم يكحلوها عموها، الراجل كان ناجح ناجح.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة