ثلاث سنوات وثلاثة شهور مضت على ثورة 25 يناير، شهدنا فيها مرحلتين انتقاليتين، الأولى قادها المجلس العسكرى فى ظروف صعبة، والثانية قادها الرئيس المؤقت عدلى منصور وحكومتا الببلاوى ومحلب فى ظروف وتحديات أكثر صعوبة وتعقيدا، وللأسف الشديد فشلنا فى المرحلتين الانتقاليتين، رغم أنهما فتحتا الطريق لانتخابات رئاسية وبرلمانية. وبالرغم من تهديدات الإخوان والإرهابيين، فأنا أثق فى قدرة وكفاءة الحكم الحالى على إجراء الانتخابات الرئاسية، لكن انتخاب السيسى أو حمدين لن يحل مشكلات الوطن، ولا يحقق الديمقراطية، فالانتخابات لا تحقق الاستقرار أو الديمقراطية، كما أنها ليست كل أهداف المرحلة الانتقالية الثانية، لذلك علينا أن نعترف بعدم تحقيق أهداف خارطة الطريق وارتباكها وتعثرها «المرحلة الانتقالية الثانية» حتى ننجح فى المستقبل، وهناك مؤشرات كثيرة لهذا التعثر أهمها: أولا: استمرار حالة الانقسام والصراع فى المجتمع بين القوى المدنية والقوى «الإسلاموية»، وتصاعد أعمال العنف والإرهاب، وهنا لا بد من الإقرار بغباء الإخوان وعدم كفاية أو كفاءة الاعتماد على الحل الأمنى فقط لمواجهتهم. ثانيا: انهيار وحدة وتماسك معسكر 30 يونيو الذى أطاح بالإخوان من الحكم ووضع خارطة الطريق لكنه فشل فى تنفيذها والالتزام ببنودها، وفى مقدمتها إشراك شباب الثورة فى الحكومة وإجراء حوار ومصالحة وطنية لا تستبعد أى طرف وتفتح المجال للمشاركة السياسية لكل القوى والتيارات دون إقصاء أحد.
ثالثا: استمرار تردى الأوضاع الاقتصادية، وعدم القدرة على جذب استثمارات أو استعادة النشاط السياحى، بالرغم من تلقى حزمة قوية من المساعدات العربية، وربما يرجع ذلك إلى عدم تحقيق الاستقرار نتيجة أنشطة الإخوان المعادية والأعمال الإرهابية التى تزعج الحكومة وتقلق المجتمع، لكنها لن تنجح فى إسقاط النظام. رابعا: عدم شعور أغلبية المواطنين بتحسن فى حياتهم المعيشية بل على العكس واصلت الأسعار ارتفاعها، واتسع نطاق الفقر والبطالة وعدم الاستقرار والإضرابات، وفشلت الحكومة فى تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور، باختصار لم يشعر المصريون بالتغيير للأحسن بعد 30 يونيو، وبدأت حكومة محلب فى خفض الدعم على الغاز والكهرباء والمحروقات قبل إجراء الانتخابات الرئاسية. خامسا: عدم القدرة على تحقيق التوازن بين الأمن والحريات العامة، حيث جاء قانون التظاهر وإجراءات مواجهة الإرهاب لتطال الإخوان والإرهابيين وشباب الثورة وأحيانا مواطنين عاديين، ويرجع ذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن الإرهاب عدو خفى، كما أن جهاز الشرطة لم يخضع لعملية تدريب وتأهيل وإصلاح تمكنه من العمل بفاعلية مع احترام حقوق الإنسان.
سادسا: تراجع الأداء المهنى والأخلاقى للإعلام، وسيادة إعلام الصوت الواحد وتراجع مساحات النقد وحرية التعبير، علاوة على انتهاك حرية الإعلاميين والاعتداء عليهم، والفشل فى إصدار ميثاق شرف إعلامى كانت خارطة الطريق قد طالبت به.
مؤشرات الفشل السابقة لا بد أن تكون ضمن أولويات تفكير وعمل الرئيس القادم الذى يجب أن يجد لها حلولا سياسية عملية وسريعة، كى نضمن إجراء الانتخابات البرلمانية فى مناخ سياسى ومجتمعى غير منقسم ومتسامح فكريا وسياسيا ما يساعد على الاستقرار ومواجهة مشكلات الاقتصاد والفقر والتحول الديمقراطى الحقيقى.