سهير جودة

السمسرة بأوجاع الناس

الخميس، 08 مايو 2014 11:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وشغلتنا السياسة وأغرقتنا فى دوامات عميقة، فابتعدنا عن قضايا مصيرية وكوارث إجرامية تحدث تحت السطح، فأصبح هناك أبواب خلفية للإجرام والفساد والاتجار بجسد المصريين، بين أمل يائس لمريض ينتظر الموت ومستعد لدفع ما يملك للهروب من القدر المحتوم، وبين بؤس كامل لفقير يفر من الجوع والعوز ومستعد لبيع جزء من جسده للهروب من فقر مقيم لا يرحل. بين الاثنين.. تجار وسماسرة وقلة من الأطباء الذين باعوا ضمائرهم للشيطان، وتحول الأمر عند البعض من التبرع لإنقاذ حياة، إلى تجارة وشطارة وفهلوة وسرقة وسمسرة، وأصبح السماسرة يمارسون مهنة أكثر ربحاً وأمناً من تجارة المخدرات.
والأرقام تؤكد أن ملايين المرضى مصابون بالفشل الكلوى والكبدى وقائمة طويلة من الأمراض، وبالتالى طابور طويل من المنتظرين، والتقارير الدولية تؤكد أن مصر أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً فى تجارة وزراعة الأعضاء البشرية غير المشروعة، وتحولت إلى مركز رئيسى فى المنطقة لهذه التجارة.
وأرجعت التقارير ظهور مافيا الاتجار فى الأعضاء البشرية فى مصر إلى حالة الفقر الشديد التى يعانى منها الشعب المصرى ونقص التشريعات التى تجرم هذه التجارة، وأكدت أن 78% من المانحين المصريين يعانون من تدهور فى حالتهم الصحية بعد العملية الجراحية، فى حين أن 73% يعانون من ضعف قدراتهم على أداء الوظائف والمهام الصعبة التى تقتضى جهداً شاقاً، بينما 10% فقط من عمليات زراعة الأعضاء فى مصر تتم بصورة مشروعة.
فى كل كارثة فتش عن الوعى وضرورة تغيير المفاهيم والثقافة، إلا أنه يتبقى الضوابط الحكومية لمنع تجارة الأعضاء والسمسرة فى أجساد الفقراء والضمانات القانونية التى تنظم عمليات التبرع هى الأكثر أهمية والحاحاً، ولأن ملف تجارة الأعضاء البشرية لا بد أن يكون على رأس أولويات الدولة المصرية فى المرحلة المقبلة. لابد أن تكون هناك بنوك للأعضاء بشكل قانونى، ونستفيد من تجارب الدول الأخرى، خاصة الصين وأمريكا حتى لا يبقى لدينا مريض يطارده الموت فى انتظار أمل يعيده للحياة، وفقير يطارده الجوع ولا يجد شيئاً يبيعه سوى جسده، فليس فى الإنسانية أكثر من أن تنقذ حياة مريض وليس من الإنسانية أيضاً أن يضطر البعض إلى بيع جسده ليعيش.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة