علينا أن نبتهج لأن كلا الرجلين أعلن أكثر من مرة أنه ينحاز إلى ثورتى الشعب المصرى فى 25 يناير و30 يونيو، وأن كلا من المشير عبدالفتاح السيسى والسيد حمدين صباحى يدرك تمامًا حجم المعاناة التى يكابدها المصريون منذ أربعة عقود على الأقل. كما علينا أن نفرح لأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستشهد تنافسًا شريفا بين عاشقين على الظفر بالحبيبة مصر.
أنت تذكر أن المنافسة اقتصرت فى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفائتة بين ممثل لنظام مبارك وحزبه الوطنى المنكوب، وبين رجل جماعة غامضة تخاصم العصر وتتاجر بالدين. ولا بأس هنا من العودة إلى ما كتبت حول هذا الموضوع مطالبًا الناس بمقاطعة تلك الانتخابات، إذ كتبت بالنص يوم 12 يونيو 2012 تحت عنوان «المقاطعة هى الحل» عشية انتخابات الإعادة: «اختيار شفيق إهانة للثورة ولدماء الشهداء، واختيار مرسى إهانة للحضارة المصرية والدولة المدنية الحديثة بآدابها وفنونها وأفكارها التنويرية، لذا فالمقاطعة هى الحل، والشروع فى بناء الحزب الثورى هو الطريق الوحيد للمستقبل الواعد بإذن الله».
أما الآن فالمنافسة بين رجلين لا خلاف مطلقا على كونهما يعبران عن أحلام وأشواق شعب فى النهوض والتقدم، وقد اشتعلت معركة الدعاية الانتخابية بينهما، وشاهدنا المشير يتحدث فى التليفزيون.. يشرح ويوضح ويحلم، وسمعنا حمدين يخطب فى أسيوط وبنها ويصمم ويحلم، لكن لا هذا ولا ذاك تحدث بما يكفى عن دور الفن فى دحر الأفكار المتخلفة، وخنق الآراء المتعصبة التى خدع بها تجار الدين شبابنا الطيب، فانضم هذا الشباب إلى تلك الجماعات المشبوهة يدمر ويخرب ويفجر ويقتل.
أعلم طبعًا أن تلبية الاحتياجات الأولية للناس هى المطلب العاجل والأهم، فلا يمكن لجائع أو عاطل أو مشرد أن يفكر ويبدع، ومع ذلك أطالب السيسى وحمدين بطرح تصور واضح عن كيفية بناء وجدان الإنسان المصرى وعقله، وما هى الخطوات والموارد اللازمة لتهيئة المناخ العام لتعزيز دور الثقافة الجادة والفن الرفيع فى المجتمع، وكيف يمكن لنا أن نواجه غول القبح الذى استشرى واستفحل فى جميع مناحى حياتنا، لدرجة جعلت شعب مصر العظيم يعيش بين بؤر القمامة فى القرن الحادى والعشرين بكل أسف!
إن الحاجة إلى الفن الجيد لا تقل بالمرة عن الحاجة إلى رغيف الخبز، لأنه يرقق المشاعر ويوسع الأفق، لذا لا يمكن لأحلامنا أن ترى النور لو أغفلنا دعم الفن الجميل والعمل على تعزيزه حتى لا نفاجأ بأننا نربى شبابًا غليظ القلب لا يعرف الرحمة ولا يتردد فى قتل من يختلفون معه فى الرأى.
ليت السيسى وحمدين يتحدثان معنا عن علاقتهما بالفنون وتصورهما عن كيفية إعادة بناء عقل المصريين ووجدانهم!