بالطبع يجب أن نطوى صفحة السنوات الثلاث العجاف التى كابد المصريون خلالها تحديات بالغة القسوة نعرفها جميعا، حتى أطاحوا بجماعة إرهابية كانت ستدفع البلاد للاقتتال الأهلى، وانتهاك هويتنا الحضارية، واختتموا الملحمة بانتخابات رئاسية لم يتاجر طرفاها بالدين والوطنية، لكن هناك دروسا ينبغى التوقف أمامها لنتعلم منها شأن الأمم المتحضرة، هناك مواقف تستحق الإشادة، وأخرى يكفيها العتاب، وثالثة تقتضى العقاب، فدور نساء مصر بالمشاركة وتحفيز أسرهن يؤكد أن المرأة «عامود الخيمة» ويقتضى ترجمة رد جميلها عمليًا بتمكينها بمواقع المسؤولية، وستنهضن بأدوارهن بكفاءة واقتدار، وتجدر الإشادة بأداء الرئيس المؤقت المستشار الجليل عدلى منصور بمستوى يؤكد ثقتنا بقضائنا، رغم انزلاق «أقلية مجهرية» لمستنقع السياسة، وتورطها بموالاة الإخوان، فهؤلاء استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها، وللقضاء آلياته الخاصة لتطهير صفوفه تمضى على قدم وساق دون صخب إعلامى حفاظًا على هيبة المؤسسة العريقة، أما الأقباط فدفعوا فواتير ثقيلة بدأت باستهداف كنائسهم وممتلكاتهم ووصلت للقتل والترويع، ورغم ذلك رفضوا محاولات استغلالهم دوليًا ليكونوا خنجرًا بقلب مصر لأنهم «رمانة الميزان» وملح الأرض.
نأتى للعتاب ولعلنا كصحفيين وإعلاميين مدينون بالاعتذار للشعب، ومراجعة أدائنا الذى تأرجح بين مبالغات ضارة، وحماس دفع البعض لابتلاع طعم «الدعاية السوداء» التى مارستها وسائل الإعلام الموالية للإخوان وتتصدرها فضائية «الجزيرة» التى أشاعت زورًا أكذوبة ضعف الإقبال، فراح إعلاميون يقرعون المواطنين بفجاجة، فضلاً على الإفراط بالمكالم والمناقشات على حساب الأخبار وتدقيقها. يمتد العتاب لحملتى المرشحين فكلاهما كان أداؤه متواضعًا، وبتقديرى كان السيسى أكبر من حملته، بينما كانت حملة حمدين أكثر صخبًا من حجمه شعبيًا، كما أكدته نتائج الانتخابات، وانشغلت الحملتان بالظهور التليفزيونى دون ظهير شعبى يحتضن الريف والعشوائيات واتسم خطابيهما بالنخبوية وافتقدتا التواصل الحقيقى بالبسطاء، ويصل العتاب لتوبيخ مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى الإلكترونى، حيث تحولت الحوارات لمهاترات واستخدمت البذاءات بدرجة تُثير الاشمئزاز وتكشف أسوأ «عوراتنا الحضارية»، ففشلنا بإدارة خلافاتنا باحترام دون السقوط بمستنقع الردح والابتذال حتى الذين يزعمون الالتزام الدينى استخدموا أقبح الألفاظ وأكثرها انحطاطًا.
نختتم بالأوضاع التى تفرض على الجمهورية الجديدة اتخاذ مواقف صارمة حيال دول كقطر التى تجاوزت كل القواعد الدولية بتمويل الإرهابيين وإيوائهم واستخدام فضائية «الجزيرة» كمنبر للتحريض الفجّ والتغطية الانتقائية وترويج الدعاية السوداء حتى وصلت للقيام بأدوار حركية كإشاراتٍ لتنفيذ مخططات إرهابية بشفرات يعرفها خبراء الأمن، ووصلت جميع الوساطات الخليجية لطريق مسدود، وكانت آخرها المبادرة الكويتية ولجأ حكّام قطر للمراوغة والالتفاف على الالتزامات التى تعهدوا بتنفيذها. سيشفى غليل المصريين اتخاذ قرار صارم حيال «المسألة القطرية»، فمصر ليست مستباحة لدرجة الرضوخ للابتزاز بورقة العمالة المصرية محدودة العدد، ولولا احتياجهم لخبراتهم لطردوهم، ووطنهم أولى بكفاءاتهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ماهر
مقالة متميزة تابعة من عملاقة السياسة
احسنت فولا يا دكتور نبيل شرف الدين