السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. بعد التهنئة بالفوز الكبير بثقة الشعب فى الانتخابات الرئاسية، والدعاء لله أن يُعينك ويُحقق آمال المصريين فيك.. أدخلُ فى الموضوع مباشرةً وأدعوك أن تدخل أيضاً فى الموضوع مباشرةً كما وعدتَ، فلا وقت آخر لدى المصريين ليضيعوه وكفى ما مضى، فقد توالت الأخبار من عديدٍ من الأحزاب والحركات والجبهات والائتلافات والحملات.. إلخ، عن نيّتهم تنظيم احتفالاتٍ كبرى فى ميادين مصر عقب إعلان النتيجة رسمياً.
سيادة الرئيس أرجو أن تُصدر أوامرك فوراً بمنع هذه الاحتفالات.. المصريون احتفلوا فعلاً بفوزك «وفوزهم» بطريقتهم العبقرية والتلقائية.. كان نزولهم للتصويت احتفالاً شهده العالم.. هم لم يكن يعنيهم العالم بقدر ما كان يعنيهم أن يفرحوا بانتصارهم على المتآمرين عليهم فى هذا العالم.. صار المصريون ظاهرةً محيرة.. شعبٌ يُهلل ويحتفل أمام صناديق الانتخابات.. كلٌ بطريقته: بالهتاف.. بالألوان.. بالرقص البرىء.. باصطحاب الأطفال.. بالزغاريد.. بالأعلام.. دون أن يقطع طريقاً أو يؤذى أحداً ثم عبّروا عن فرحتهم بفوزك «وفوزهم» عندما توالت المؤشرات الأولية للنتيجة.
خلاص.. إلى هنا كفاية احتفالات.. الاحتفالات القادمة لن تكون بنفس البراءة.. المقدمات تشير إلى أنها ستكون مزاداً للنفاق والإسراف وتعطيل المرور والابتذال وربما بعض البراءة.. انتخبناك لتوقف كل هذا يا سيادة الرئيس.
قد يقول قائلٌ إنك لم تعد رئيساً بعد وبالتالى لا تملك إصدار أوامر.. هى ليست أوامر رسميةً وإنما تعليمات معنوية لأنصارك.. الأوامر الرسمية تكون لأجهزة الدولة والشرطة بعد أدائك لليمين.
أما التعليمات المعنوية فتملك إصدارها من أول أمس لأنصارك وهم %94 من الشعب.. تعليمات تعطى رسائل بالغة التأثير كلما أسرعتَ بها.
الرسالة الأولى: لا وقت للتهريج بعد الآن.. الشعب يحتاج للفرحة لا للتهريج.. والفرحة لن تأتى إلا بالعمل.
الرسالة الثانية: لا وقت ولا مكان للإسراف.. نحن بحاجةٍ لكل كيلو وات كهرباء وكل ساعة عمل وكل مليمٍ مُهدر، فبيننا ملايين لا يعرفون الوجبة الثالثة.
الرسالة الثالثة: من الآن فصاعداً لن يُسمح بوقفةٍ أو تظاهرةٍ تُغلق طريقاً أو تُعطّل مروراً أو تُوقف مصنعاً بادئاً بأنصارى قبل غيرهم.
ورسائل أخرى تنبثق من هذه الرسائل وتصل دلالاتها للجميع بسرعة البرق.
فى انتخابات 2012 كان الدافع الرئيسى للمصريين الذين منحوا أصواتهم للفريق أحمد شفيق هو عودة الانضباط، لأنه عَزَف فى دعايته على وَتَر الأمن، وأعتقد أن ذلك كان أيضاً هو الدافع الرئيسى للمصريين الذين منحوا أصواتهم للدكتور محمد مرسى من خارج جماعة الإخوان، اعتقاداً منهم أن نجاحه سيمنع ما هدد به البعض من فوضى إذا نجح شفيق.. كان الشعب كله بشقّيْه مُهيأً ومُرحّباً بأن يكون أول قرارٍ للدكتور مرسى بعد فوزه أن يقول: «من الآن فصاعداً.. لا مظاهرةً تقطع طريقاً، وأبدأ بأنصارى».. فإذا بأنصاره يقطعون الطريق أمام مجلس الدولة قبل مرور أسبوعٍ على دخوله الاتحادية، مما أعطى المبرر لحوالى عشرين من أتباع الدكتور توفيق عكاشة لنصب خيمتين أمام المنصة بمدينة نصر وقطع طريق الأوتوستراد لأول مرةٍ منذ ثورة يناير.
سيادة الرئيس.. المصريون فرِحون بك ومستبشرون بقدومك فعلاً وليسوا بحاجةٍ لسرادقات النفاق.. يكفى حفل تنصيبٍ رسمىٍ محترم لتسليم السلطة من الرئيس عدلى منصور وأداء اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا فى حضور ملوك ورؤساء وشخصياتٍ دولية وعربية ورموزٍ مصريةٍ يتفق المصريون على احترامها.. تنتقل بعده مباشرةً إلى قصر الرئاسة بادئاً العمل فوراً.. هذا هو احتفالك واحتفالنا الحقيقى.. أعانك الله ووفقك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة