حين تسمح السلطات الإيرانية لحفنة من المؤيدين لجماعة الإخوان برفع شعار رابعة فى ميدان «أوادى» أكبر ميادين العاصمة طهران، فاعلم أن هناك شيئا مريبًا يحدث فى السياسة الإيرانية، لماذا؟
لأن الإيرانيين يمتازون بالمكر والذكاء فى إدارة شؤونهم مع الدول الأخرى، فلا يعلنون موقفهم صراحة إلا فى اللحظات الأخيرة، إذ إنهم يحافظون دومًا على شعرة معاوية، وأنت تعلم الخصام الواقع بين حكام القاهرة وطهران منذ حكاية الشاه المخلوع والرئيس المقتول، والمستمر حتى الآن، ومع ذلك كم من المرات حاول فيها قادة إيران إعادة العلاقات الدبلوماسية، لكن مبارك كان يأبى دون سبب مقنع إلا إرضاء للأمريكان وإسرائيل، كما تعلم أيضا أن إيران لم تتخذ موقفا معاديًا من ثورة 30 يونيو، كما لم تؤيدها، فلماذا وافقت السلطات الآن فى بلاد فارس على السماح لحفنة لا يتجاوز عددها عشرين شخصًا - كما ظهروا فى الصورة المنشورة فى موقع «اليوم السابع» - على أن يرفعوا علامة رابعة، وهم واقفون بجوار شعار ضخم لهذه العلامة؟
إن التوقيت مهم فى عالم السياسة، وارتباط مظاهرة الإخوان فى طهران بنجاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية فى القاهرة، أمر واضح، فهل يريد حكام إيران أن يبعثوا لنا رسالة اعتراض على الانتخابات ونتائجها؟
المحزن فى الأمر أن علاقات الشعبين المصرى والإيرانى ممتدة عميقا فى التاريخ، وقد استضافت القاهرة مئات التجار الإيرانيين الذين جاءوا إليها واستقروا بها، ولو أتيح لك التجوال فى أحياء الأزهر والحسين والدرب الأحمر ستجد بعض المحلات قد اتخذت أسماء فارسية، وقد بلغت هذه العلاقات قوتها حين تزوج شاه إيران من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق فى أربعينيات القرن الماضى، صحيح أن الشاه كان رجل الأمريكان فى المنطقة، حتى أسقطته ثورة شعبية ضخمة عام 1979، غير أن المصريين أسقطوا أيضا مبارك ومرسى، وكلاهما كان يحافظ على مصالح الأمريكان وإسرائيل، لا على مصالح الشعب المصرى.
إن إقامة علاقات طيبة ومتينة مع إيران أمر بالغ الأهمية لنا ولهم، وأظن أن إحدى أولويات الرئيس السيسى ضبط علاقة مصر مع إيران، رغم أنف جماعة الإخوان!
عدد الردود 0
بواسطة:
د يحيى حسن
كنت انتظر تحليلا اكثر عمقا