مثلما شعر المصريون بالبهجة لأنهم استعادوا الهيبة المهدرة لمؤسسة الرئاسة، فإننى أظن أن استعادة العدل باتت مطلبًا حيويًا الآن، ولا أقصد بالعدل هنا العدل الاجتماعى، برغم أهميته وضرورته القصوى، لكنى أعلم أن إقامة العدل الاجتماعى تتطلب كفاحًا ونضالًا وتضحيات مهولة تستوجب سنين عددًا.
إن العدل الذى أطالب باستعادته يتمثل فى إنصاف شهداء الثورتين، يناير 2011، ويونيو 2013، وحصر أعداد المصابين لتعويضهم بما يليق ويحفظ لهم كرامتهم، فضلًا على الكشف عن أسماء المفقودين وكيف فقدوا؟، وهل ما زالوا أحياء؟ وأين هم؟ وإطلاق سراح كل من لم تثبت فى حقه تهمة محددة، والكف فورًا عن القبض العشوائى الذى كان يحدث من قبل حتى لا يلطخ الثوب الجديد للدولة.
لقد ضاعت حقوق الشهداء وأسماؤهم فى سرايا النيابات وسراديب المحاكم، واستطاعت الأنظمة التى تولت السلطة عقب طرد مبارك من عرين الرئاسة «المجلس العسكرى/ محمد مرسى» أن تطمس الحقائق بشكل مخز، لدرجة أن جميع المتهمين بقتل متظاهرى يناير قد نالوا البراءة فى سابقة لم تحدث من قبل، برغم أن القتل كان على الهواء مباشرة.
المؤسف أن هذه القضايا باتت ماسخة من فرط البطء الشديد الذى يواكب إجراءات التقاضى، والتأجيل ثم التأجيل، لدرجة أننا سمعنا بعض المحامين ينسبون الجرائم التى حدثت فى عهد مبارك «أيام ثورة يناير كلها تدخل ضمن فترة حكم مبارك لأنه كان رئيس البلاد»، أقول سمعناهم يتهمون جماعة الإخوان بأنها من قتلت شباب الثورة، وهو قول مفضوح – بغض النظر عن جرائم الإخوان وأنصارهم التى ارتكبوها بعد ذلك – لأنه يعنى أن النظام كان يعرف أن الإخوان جماعة إرهابية، ولم يتخذ ضدها موقفًا حازمًا، كما لا ينفى عن مبارك أنه المتهم الأول بوصفه صاحب أعلى سلطة فى البلاد، ولم يتخذ قرارًا واحدًا بوقف قتل الشباب فى الميادين!
لكى ننهض إلى الأمام علينا إغلاق الملفات المعلقة التى فتحت فى الماضى القريب، ولأنها ملفات مغموسة بالدم، فلا يمكن إهمالها أو السكوت عنها، وليت الرئيس السيسى يأمر بفتح هذه الملفات، واستعادة العدل الضائع!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة