الدولة عادت من الغيبة، عادت من الفوضى لتنتفض ضد دعاة إسقاطها وتركيعها، والبداية بفرض القانون ومواجهة الأمراض السرطانية التى يعانى منها المجتمع.
أول هذه السرطانات التى تحتاج إلى جراحة عاجلة، هو التحرش الجنسى فى شوارعنا، وليد سنوات من الكبت وعدم التحقق والتدين المزيف والتطرف الذى لا يفرز إلا عنفا مضادا وأمراضا وشذوذا، وانكسارا لكل الأعراف الأخلاقية.
لم نكن نحتاج لحادث التحرير البشع لنعرف أن سرطان التحرش قد ضرب أخلاقنا قبل أن ينتشر فى شوارعنا، وأصبح الصبية والمراهقون بعيدين كل البعد عن أى وازع من دين أو أخلاق أو شهامة، فقد فقدنا على مدى السنوات الماضية جهازنا المناعى وخرجت عدة أجيال لا توقر الكبير ولا تحترم المعلم ولا تحتفظ بميراث أولاد البلد من صيانة النساء وحمايتهن، بل استحلال السرقة والنهب والكذب وحتى العمالة.
وأصبحت الخطايا السابقة بقدرة قادر تحمل أسماء جديدة، فى زمن فقدت فيه المصطلحات والأسماء معانيها، فالاعتداء على الآخرين أصبح «سيطرة» والتحرش والاغتصاب تحول من الفجور إلى «الترويع»، والعمالة أصبحت «نشاطا»، والسرقة أصبحت «شطارة».
وسط هذا الخراب الذى ورثناه من سنوات مبارك وتفاقم بضراوة خلال السنوات الثلاث الماضية كان لابد من موقف حاسم تستعيد فيه الدولة زمام الأمن وتفرض على المنفلتين القانون وترغم الأشقياء بالقوة على التفكير مائة مرة قبل ارتكاب أى فعل مشين فى الشارع.
التحرك الأخير لرئيس الجمهورية بزيارة ضحية التحرش فى التحرير والوعد بعدم تكرار هذا الحادث المأساوى مرة أخرى، مع تكليف رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لمواجهة الفكر الفوضوى والهدام، بداية عهد جديد لعودة الأمن فى الشارع المصرى وستبقى «سيدة التحرير» الشريفة علامة فارقة بين عهدين، عهد الانفلات وعهد دولة القانون الذى نتمناه جميعا عهدا دائما تختفى فيه كل أشكال البلطجة والتجاوز فى الشوارع والمؤسسات وفى الخطاب الإعلامى والثقافى أيضا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة