أن تجد شامتا فى ضحية التحرش، فهذا يكشف عن غياب الإنسانية، وأن ترى شامتا فى حبس ناشط فأنت أمام حالة كراهية متبادلة، لا تختلف كثيرا عن جريمة التحرش، وتدخل ضمن «التحرش العقلى».
حتى لو كانت هناك خطة منظمة ليكره الشعب الثورة.. فإن من يقولون ذلك لا يتأملون ما يكتبونه، ولا يرون أنفسهم وهم يشتمون الشعب ويسخرون من اختيارات قطاع كبير من الجمهور. ولا يتطرق ذهنهم إلى أنهم ربما يكونون سببا. وأن آراءهم التى يتصورون أنها نظريات عميقة، بعضها سطحى ومناف للمنطق.
هناك حالة من الكراهية، تظهر فى آراء وكتابات بعض المنتمين للثورة، ومتصدرى الصورة، ويفعلون ذلك باسم أنهم ثوريين، وبعضهم فوضويون. يتخيلون أن هناك خطة فى نشر تسريبات هدفها أن يكره الناس الثورة. بينما هم لا يحتاجون لتسريبات، لأن ما يكتبونه وينشرونه يكفى.
ولم يتوقف هؤلاء ليسألوا عما إذا كانوا هم أنفسهم ساهموا بما ينشرونه ويكتبونه ويعلنونه من تعبيرات وألفاظ يشتمون الشعب ويسخرون من الناس ويشمتون فى الضحايا ويحقرون من الاختيارات. فيواجههم الآخرون بنفس الطريقة، ويردون على الشماتة بالشماتة، وهو رد فعل وسلوك يكشف إلى أى مدى أصبحت الكراهية تسكن القلوب.
رأينا قبل أيام ناشطا وأكثر يهاجمون الذين نزلوا الانتخابات الرئاسية وانتخبوا السيسى ويدعون عليهم بأن يموتوا ويتعفنوا. وناشطا يحرض بشكل واضح على اغتيال رجال الشرطة ويبدو سعيدا وهو يهتف فى تغريداته بالفرح فى دماء الشهداء. ونشطاء آخرون يسبون النساء فى التحرير ويدعون للتحرش بهن، قبل أن يقع التحرش. ناهيك عن تصور مختل لكون الثائر يجب أن يكون شتاما. ولا نعرف أى «بكابورت» أنتج هذه النظريات؟
وحتى مع ما يجرى فى العراق من اجتياح عصابات داعش الإرهابية للعراق وغياب الجيش، وتفكك الدولة والحرب الطائفية، ظهر نشطاء يعتبرون أحوال العراق أفضل من أحوال مصر، مع تكرار ساذج لتنظيرات عن حكم العسكر. ثم يسألون: لماذا يكرهون النشطاء؟
ومقابل من يبدى شماتة فى ضحايا التحرش، أو شهداء الجيش والشرطة، رأينا من يردون بالشماتة فى حكم حبس علاء عبدالفتاح وزملائه، وأعادوا نشر تغريدات شماتة وسخرية. وهو سلوك مرفوض من الطرفين، لكنه يكشف عن مرض اجتماعى.
لم ينتبه هؤلاء إلى أن الإنترنت ومواقع التواصل لم تعد حكرا على أحد، ولدى الآخرين ألسنة وعقول، بل ربما منطق أكثر تماسكا. وأن النشطاء أنفسهم بآرائهم يجنون ثمار كراهية أعادوا تصنيعها. وربما على بعضهم أن يسأل: لماذا نكره أنفسنا؟