المتحرش خسيس أو عاجز أو مريض أو مغيب، أو كلهم معا، ويكفى أن نشاهد مقطع فيديو التحرش بالتحرير أو ما يسمى بفيديو «متحرش المرج» لتدرك مدى التشوه المرضى الذى أصاب قطاعا من الشباب والكهول ودفعهم إلى ممارسة سلوك الضباع عندما تشم رائحة فريسة ضعيفة أو مريضة أو خارجة من القطيع.
خسة المتحرش تتجلى بوضوح فى استمتاعه بترويع ضحيته، واستمداد القوة الوهمية من ضعفها وقلة حيلتها وانكسارها، وفضح هذه الخسة فى حال مقاومة الضحية الصلبة وقدرتها على ردعه بمفردها أو بمساعدة الآخرين. وعجز المتحرش يظهر فى لجوئه للعنف أو سرقة لذة عابرة بالإكراه، فيما الأسوياء يلجأون إلى العلاقات الشرعية بالتراضى، والتى لا تخلف الذنب ولا تعزز الشعور بالنقص الذى يعانيه المتحرش، والذى غالبا ما يكون مرفوضا وغير مقدر من الجنس الآخر لأسباب تخص شخصيته وسلوكه.
أما مرض المتحرش فيبدو فى تكراره للسلوك المشين تجاه الجنس الآخر بدءا من الاعتداء اللفظى وحتى الاعتداء البدنى والاغتصاب، دون وازع من ضمير أو قيمة أخلاقية، وهو مرض لا شفاء منه إلا بالصدمة والردع القانونى، ودفع ثمن اعتدائه السافر على الآخرين.
بعض المتحرشين يلجأون للمخدرات والعقاقير الكيميائية التى تمنحهم جرأة المجرمين وقدرة الأقوياء على إتيان أى فعل، يتساوى فى ذلك القتل أو الاغتصاب أو السرقة، فهو لا يكون واعيا بما يفعل، إن هى إلا رغبات مكبوتة وقهر متراكم يظهر فى لحظة تحرير العقل من قيود المجتمع وخوف القانون، ليمضى إلى آخر الشوط فى العنف أو تحقيق البطولات الوهمية التى يرضى صاحبها بها عن نفسه قبل أن يصحو على واقعه الأليم مرة أخرى فيلجأ مجددا إلى المخدرات وما يتبعها من جرائم فى متوالية لا تنتهى.
الظاهرة وصلت ذروتها حاليا ليس فى القاهرة العاصمة وحدها، بل فى المدن الصغيرة والقرى، فى تهديد واضح لمنظومتنا الأخلاقية وأصولها الثابتة فى المجتمعات الصغيرة بالريف، لكنها أقل ظهورا بكثير فى الصعيد والنجوع والعزب والقرى، ومع هذا الاستفحال تقترب الظاهرة من انكسارها بعوامل أهمها عودة الدولة والحشد الإعلامى ضدها، وسعى الناس إلى الاستقرار والأمن مجددا.
قد يستغرق احتواء الظاهرة وقتاً لكنه لن يطول مع فرض القانون وتغليظ العقوبة وردع المتحرشين، فسرعان ما ستعلو قيم المجتمع على فوضى الغرائز وستأمن الفتاة والسيدة على نفسها فى الشارع آناء الليل وأطراف النهار.