عادت مصر مرة أخرى إلى مكانها الطبيعى فى أفريقيا. قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقى جاء بالإجماع من أعضائه الـ15 برئاسة أوغندا وفى قلب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. التهنئة الأولى جاءت سريعا وبعد دقائق وفى مغزى سياسى واضح تماما، من وزير الخارجية الإثيوبى تواضروس أدهانوم إلى وزير الخارجية الجديد سامح شكرى. ويبدو أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطابه مساء ليلة التنصيب عن العلاقات مع «إثيوبيا الشقيقة» كان لها مفعول السحر فى تبريد جبهة العلاقات الساخنة مع أديس أبابا بعد فاصل «الكوميديا السوداء» لمرسى وجماعته وأزلامه فى «جلسة المسخرة» الشهيرة للرد على بناء سد النهضة. الوزير الإثيوبى الذى تستضيف بلاده مقر الأمانة العامة ولجنة الاتحاد الأفريقى أشاد بالقرار الذى أنهى قطيعة دبلوماسية غير منطقية على الإطلاق وتتنافى وحقائق التاريخ بين مصر والاتحاد الأفريقى استمرت لمدة 11 شهرا منذ يوليو الماضى، فمصر هى المؤسسة لمنظمة الأمم الأفريقية الذى تحول اسمها إلى الاتحاد الأفريقى فى عام 2002، ومصر هى التى ساعدت وساندت حركات التحرر الأفريقية. وكثير من الدول الأفريقية كانت لديها تحفظ وغصة من القرار لأن المسألة تتعلق بمصر الدولة القائدة والرائدة فى أفريقيا، ولذلك أصدقاء مصر الحقيقيون من رؤساء الدول الأفريقية تضامنوا مع الدبلوماسية المصرية النشطة بقيادة نبيل فهمى ورئيس الوزراء الكفء إبراهيم محلب لعودة مصر سريعا إلى وضعها الطبيعى ونشاطها الحيوى داخل الاتحاد، لأنه وببساطة أفريقيا لا تستطيع الاستغناء عن مصر ولا مصر تتخلى عن أفريقيا.
قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقى يعنى عودة مصر مرفوعة الرأس والهامة إلى أفريقيا بإدارة جديدة للعلاقات مع الأشقاء الأفارقة وباستفادة من درس القطيعة فى العام الماضى وفى الثلاثين عاما الماضية، وسوف تحتفل أفريقيا بالعودة الحميدة لمصر فى عرس القمة الأفريقية فى 26 يونيو الجارى وبحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وفى أديس أبابا.
مصر سوف تضرب عدة عصافير بحجر قرار العودة أولها توجيه لطمة قاسية وصدمة لتنظيم الإخوان الإرهابى الذى راهن على استمرار المقاطعة الأفريقية فى مصر واستغلال ذلك فى المحافل الدولية وخاصة فى أوروبا وواشنطن، الثانى حضور القمة الأفريقية القادمة فى أديس أبابا والإقرار الأفريقى الرسمى بثورة 30 يونيو وخارطة المستقبل السياسى فى مصر، والثالث والأهم أن القمة سوف تتيح اللقاءات المباشرة بين الرئيس السيسى والزعماء الأفارقة خاصة مع رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام ديسالين وبحث أزمة سد النهضة.