شهدت الفترة الأخيرة صراعًا بين عدد من الشخصيات العامة والحزبية، لإنشاء تكتلات وتحالفات انتخابية للحصول على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، والفوز بالجزء الأخير من قطعة التورتة فى السيطرة على الدولة المصرية، هذه التحالفات التى ظهرت على الساحة فجأة كنبت شيطانى يتصارع عليها عدد من الفلول ورجال الأمن السابقين والهاربين وبعض المحسوبين على الثوار وغيرهم من الطامعين والطامحين فى البقاء داخل دائرة الأضواء.
لقد ظن هؤلاء المتصارعون أنهم يملكون حراكًا فى الشارع وامتدادًا شعبيًا يحمى ظهورهم العارية، متناسين أن الأحزاب المصرية ظلت منذ نشأتها الثانية فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ليست سوى ديكور يصنعه الحاكم لتزيين حكمه ومحاولة لإخفاء استبداده، بل كانت الأحزاب نفسها أشد استبدادًا من الحاكم، فكانت عبارة عن ملكيات وراثية، على عكس الأحزاب فى فترة التحرر الوطنى ومقاومة الإنجليز، فمؤسس الحزب ظل على رأسه حتى بلغ من العمر عتيًا، كما حدث مع فؤاد سراج الدين فى حزب الوفد، وضياء الدين داود فى الحزب العربى الناصرى وخالد محيى الدين فى حزب التجمع، وكذلك حزب الأمة لصاحبة أحمد الصباحى وغيرهم الكثيرين، الذين لم ينزع منهم رئاسة الحزب سوى ملك الملوك، أو حكم قضائى بعد سلسلة من الفضائح والصراعات فى المحاكم.
للأسف الشخصيات العامة تتصارع على تكوين تحالفات وهمية من أحزاب لا تملك سوى مكتب وعدة شخصيات وبعض المعونات والهبات والظهور التليفزيونى وغيرها من أمور الوجاهة، بينما غاب عنها التواجد الفعلى فى الشارع فلا وجود للأحزاب المصرية على الساحة الشعبية، بالرغم من أن ارتفاع عدد الأحزاب بعد الثورة إلا أن الشعب المصرى لا يعرف أسماء هذه الأحزاب، لأنها بلا برامج حقيقية أو حضور فعال بين المواطنين وليست سوى سبوبة ومصدر للشهرة ومحاولة للحصول على جزء من تورتة الدولة المصرية.
لم نشاهد حزب يقود حملة للنظافة العامة واستغلال شباب الجامعات فى تجميل المدن بالرسوم والإبداعات والجرافيك، كما حدث بعد الثورة، لم نر حزبًا يقود حملة ويجمع الشباب ويحدد يومًا فى الشهر للخدمة العامة فى شتى المجالات، حسب احتياجات كل منطقة كما يحدث فى بعض الدول الأفريقية مثل طلاء المنازل، أو مساعدة الفقراء أو تشجير بعض الشوارع، أو محو الأمية أو إنشاء وتنظيم بعض الأسواق وغيرها من الخدمات، لم نر حزباً ينظم معسكرات صيفية لاستغلال مواهب وقدرات الطلاب فى خدمة المجتمع وغيرها من المشاريع والأفكار التى يمكن أن تسهم فى حل الكثير من مشاكل الوطن.
إن كل إنجازات الأحزاب المصرية ليست سوى أقوال وتصريحات تليفزيونية لا علاقة لها بالواقع، وكل ما أنجزته التحالفات الانتخابية هو الصراع بين هذا وذاك ومحاولات لاختطاف هذا الحزب من ذلك التحالف والعكس، وكأن هؤلاء يملكون مفعول السحر ولديهم ظهير شعبى دون إدراك أن الشعب لا يعرف أسماء أحزابهم.
للأسف لم تتعلم الأحزاب والشخصيات الطامعة فى كراسى البرلمان من التجارب الماضية، وكيف اكتسح التيار الإسلامى والشخصيات المستقلة المقاعد فى الانتخابات الماضية، بينما ظلت الأحزاب كالعادة تبكى على الأطلال، بالرغم أنها تدرك جيدًا أنها بعيدة عن التواصل المباشر مع المواطنين ولا تستطيع أن تجمع مئات الشخصيات فى مظاهرة، للمطالبة ببعض الحقوق فكيف تستطيع أن تحصد ملايين الأصوات وتمثل المواطنين فى البرلمان، نتمنى أن تصبح الأحزاب جزءًا من حل المشكلات، ومعاناة الناس وليست جزءًا من المشاكل والأزمات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المهندس محمد عامر
أحسنت
مقال ممتاز ناقل للوضع بشكل دقيق شكرا لك على تحليلك
عدد الردود 0
بواسطة:
amin khater
زعماء علي انفسهم