فجأة ودون مقدمات، وقبل إزالة الملصقات الدعائية لانتخابات الرئاسة، انتشرت بشتى ربوع مصر ملصقات دينية أشهرها يحمل عنوان «هل صليت على النبى اليوم»، ووزعت مجانًا على سائقى السيارات، ولصقت على المنازل والمحال التجارية.
ملابسات ظهور الملصقات وتوقيتها وتوزيعها مجانا بكثافة بالتزامن بشتى أنحاء البلاد، كانت مؤشرات تؤكد أنها «لعبة غير بريئة» فليس منطقيًا اعتبارها سلوكا عفويًا، خاصة عقب استبعاد «حزب النور» من التشكيل الوزارى، وكان يطمح لاقتناص بعض الحقائب، ووجود عدة قضايا ينظرها القضاء باعتباره مخالفًا للدستور الذى يحظر قيام أحزاب على أساس دينى، واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، بالإضافة للشرخ بين قادة الحزب وقواعده التى انخرطت تحت راية الإخوان، فيما يسمى «تحالف دعم الشرعية».
وحين نتأمل برؤية بانورامية هذه الملابسات سنكتشف «اللهو الخفى» وراء «غزوة الملصقات» وهو ائتلاف يجمع أنصار الإخوان و«السلفية المتأخونة» و«حزب النور»، فقد صرح شعبان عبدالعليم، أمين مساعد الحزب «بأنه لا يتنصل من الشعارات والملصقات التى تحمل اسم النبى (صلى الله عليه وسلم) لأنه عمل نبيل»، حسب تعبيره.
وأكدت تسريبات حكومية أن «حزب النور» أرسل مذكرتين متطابقتين للرئيس السيسى ورئيس الحكومة، تحملان حزمة مطالب، منها اعتبار الحزب سياسيًا وليس دينيًا، وسعيهم لاستقطاب مسيحيين للالتفاف على اقتصار عضويته على فصيل بعينه، وحملت المذكرة رغبة فى الحصول على حقائب وزارية، ومطالبات بتغيير بعض مواد قانون الانتخابات البرلمانية، وإلغاء قانون تنظيم التظاهر، وإطلاق سراح من وصفوهم بالمعتقلين السياسيين، علمًا بعدم وجود معتقلين بالسجون، فكل المحبوسين على ذمة قضايا.
وتضمنت المذكرة ما أسمته احتقان التيار السلفى لاستمرار منع رموزهم من الخطابة بالمساجد، أبرزهم: أبواسحق الحوينى، ومحمد حسين يعقوب، ومحمد حسان، والمطالبة بعودتهم للخطابة وإطلاق فضائياتهم، وكان رد القيادة السياسية عمليًا لما وصفته المصادر بالإملاءات المرفوضة، لهذا اندلعت «غزوة الملصقات» بشراسة.
وتحركت وزارتا الداخلية والأوقاف بسرعة وصرامة للتصدى للظاهرة المريبة التى تشير لاصطفاف جماعات الإسلام السياسى تأهبًا للتمهيد لاستعادة تعاطف الشارع بتصويره كأنه «حرب على الإسلام»، واستندت الداخلية لقانون المرور «66» لسنة «73» المعدل بالقانون «155» لسنة «1999»، الذى يحدد عقوبات بغرامة تتراوح بين مائة جنيه وخمسمائة جنيه، لمن يضع ملصقات أو معلقات أو كتابات أو رموز.
ولم يكن موقف وزير الأوقاف أقل صرامة، فأعلن حظر العمل السياسى بالمساجد، مؤكدًا استبعاد أى خطيب يخوض بالسياسة، وتغريمه وفق القانون، موضحًا أن المنابر حُررت تمامًا من الدعاة الحزبيين المسيسين، وأعلن أن الملصقات تحمل توجهًا خبيثًا وخطيرًا يُصيب المصريين بحالة بلبلة تجتاح عوام الناس.
وتُجسد «غزوة الملصقات» أولى جولات «معركة الهوية» المدنية للدولة الوطنية، وتتطلب دعمًا شعبيًا للأجهزة المعنية وعيًا بأكذوبة «مُحاربة الإسلام» التى يستخدمها المتطرفون فزاعة فى صراعات سياسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
تلك الظاهرة بدات بالاسكندرية من شهر مارس الماضي وخاصة غرب الاسكندرية معقل السلفية
عدد الردود 0
بواسطة:
bmwr
ليس الجاهل غير المتعلم ؟